﴿فأراد فرعون أن يستفزهم﴾ أي : يستخفهم ويزعجهم ﴿من الأرض﴾ ؛ أرض مصر، ﴿فأغرقناه ومَنْ معه جميعًا﴾ ؛ فعكسنا عليه علمه ومكره، فاستفززناه وقومه من بلده بالإغراق. ﴿وقلنا من بعده﴾ من بعد إغراقه ﴿لبني إسرائيل اسكنُوا الأرضَ﴾ التي أراد أن يستفزكم هو منها. أو أرض الشام. وهو الأظهر، إذ لم يصح أن بني إسرائيل رجعوا إلى مصر بالسكنى. وانظر عند قوله :﴿وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِيا إِسْرَائِيلَ﴾ [الشُّعَرَاء : ٥٩] ﴿فإِذا جاء وعد الآخرة﴾ أي : الحياة الآخرة، أو الدار الآخرة، أي : قيام الآخرة، ﴿جئنا بكم لفيفًا﴾ ؛ مختلطين إياكم وإياهم، ثم نحكم بينكم ونميز سعداءكم من أشقيائكم. واللفيف : الجماعات من قبائل شتى. والله تعالى أعلم.
١٣١
الإشارة : لا ينفع في أهل الحسد والعناد ظهور معجزة ولا آية، ولا يتوقف عليها من سبقت له العناية، لكنها تزيد تأييدًا، وطمأنينة لأهل اليقين، وتزيد نفورًا وعنادًا، لأهل الحسد من المعاندين. وبالله التوفيق.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٣٠
قلت : تقديم المعمول، هو ﴿بالحق﴾ : يُؤذن بالحصر. و ﴿قرآنًا﴾ : مفعول بمحذوف يُفسره ما بعده.
يقول الحقّ جلّ جلاله : في شأن القرآن :﴿وبالحقِّ أنزلناه وبالحق نَزَل﴾ أي : ما أنزلنا القرآن إلا ملتبسًا بالحق، المقتضي لإنزاله، وما نزل إلا بالحق الذي اشتمل عليه من الأمر والنهي، والمعنى : أنزلناه حقًا مشتملاً على الحق. أو : ما أنزلناه من السماء إلا محفوظًا بالرصَد من الملائكة، وما نزل على الرسول إلا محفوظًا من تخليط الشياطين. ولعل المراد : عدم اعتراء البطلان له أولاً وآخرًا. ﴿وما أرسلناك إِلا مبشرًا﴾ للمطيعين بالثواب، ﴿ونذيرًا﴾ للعاصين بالعقاب، وهو تحقيق لحقية بعثه - عليه الصلاة والسلام - إثر تحقيق حقية إنزال القرآن.


الصفحة التالية
Icon