شرح الفاتحة الكبير كيفية التعلق والتخلق والتحقق بها. وفي ابن حجر : أن أسماء الله مائة، استأثر الله بواحد، وهو الاسم الأعظم، فلم يُطلع عليه أحدًا، فكأنه قيل : مائة لكن واحد منها عند الله. وقال غيره : ليس الاسم الذي يكمل الماءة مخفيًا، بل هو الجلالة. وممن جزم بذلك البيهقي، فقال : الأسماء الحسنى مائة، على عدد درجات الجنة، والذي يكمل المائة :" الله "، ويؤيده قوله تعالى :﴿وَللَّهِ الأَسْمَآءُ الْحُسْنَى﴾ [الأعرَاف : ١٨٠]. فالتسعة والتسعون لله ؛ فهي زائدة عليه وبه تكمل المائة. هـ.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٣٢
قلت : ولعله ذكر اسمًا آخر يكمل التسعة والتسعين. وإلا فهو مذكور في الرواية المتقدمة من التسعة والتسعين. والله تعالى أعلم.
الإشارة :﴿قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن﴾، قال الورتجبي : إن الله سبحانه دعا عباده إلى معرفة الاسمين الخاصين، الذين فيهما أسرار جميع الأسماء والصفات والذات، والنعوت والأفعال ؛ فالله اسمُهُ، وهو اسمُ عَيْنِ جَمْعِ الجَمعِ، والرحمن اسم عين الجمع ؛ فالرحمن مندرج تحت اسمه :" الله " ؛ لأَنه عين الكل، وإذا قلت : الله ؛ ذكرت عين الكل. ثم قال : وإذا قال " الله " ؛ يفنى الكل، وإذا قال :" الرحمن " ؛ يبقى الكل، من حيث الاتصاف والاتحاد، فالاتصاف بالرحمانية يكون، والاتحاد بالألوهية يكون. ثم قال : عن الأستاذ : من عظيم نعمه سبحانه على أوليائه : أنه يُنزههم بأسرارهم في رياض ذكره ؛ بتعداد أسمائه الحسنى، فيتنقلون من روضة إلى روضة، ومن مأنس إلى مأنس، ويقال : الأغنياء تنزههم في بساتينهم، وتنزههم في منابت رياحِينهم. والفقراء تنزههم في مشاهد تسبيحهم، ويستروحون إلى ما يلوح لأسرارهم من كشوفات جلاله وجماله. هـ. قلت : والعارفون تنزههم في مشاهدة أسرار محبوبهم، وما يكشف لهم من روض جماله وجلاله. وبالله التوفيق.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٣٢


الصفحة التالية
Icon