ويُبشِّر} بالتشديد والتخفيف، ﴿المؤمنين﴾ : المصدقين به، ﴿الذين يعملون﴾ أي : العُمال ﴿الصالحاتِ﴾ التي تَنْبَثُّ في تضاعيفه ﴿أنَّ لهم﴾ أي : بأن لهم في مقابلة إيمانهم وأعمالهم ﴿أجرًا حسنًا﴾، هو الجنة وما فيها من المثوبات الحسنى، ﴿ماكثين فيه﴾ أي : في ذلك الأجر ﴿أبدًا﴾ على سبيل الخلود. والتعبير بالمضارع في الصلة - أعني : الذين يعملون - ؛ للإشعار بتجدد الأعمال الصالحات واستمرارها، وإجراء الموصول على الموصوف بالإيمان ؛ إيماءً بأن مدار قبول الأعمال هو الإيمان.
وتقديم الإنذار على التبشير ؛ لإظهار كمال العناية بزجر الكفار عما هم عليه، مع مراعاة تقديم التخلية على التحلية. وتكرير الإنذار بقوله تعالى :﴿ويُنذرَ الذين قالوا اتخذ اللهُ ولدًا﴾ : متعلق بفرقة خاصة، ممن عمَّهُ الإنذار السابق، من مستحقي البأس الشديد ؛ للإيذان بكمال فظاعة حالهم، لغاية شناعة كفرهم وضلالهم، أي : وينذر، من بين سائر الكفرة، هؤلاء المتفوهين بمثل هذه القولة العظيمة، وهم كفار العرب الذين قالوا : الملائكة بنات الله، واليهود القائلون : عزير ابن الله، والنصارى القائلون : المسيح ابن الله.
﴿ما لهم به من عِلْمٍ﴾ أي : ما لهم باتخاذه الولد شيء من علم أصلاً ؛ لضلالهم وإضلالهم، ﴿ولا لآبائهم﴾ الذين قلدوهم، فتاهوا جميعًا في تيه الجهالة والضلالة، أو : ما لهم علم بما قالوا، أصواب أم خطأ، بل إنما قالوه ؛ رميًا بقولٍ عن عمى وجهالة، من غير فكر ولا روية، كقوله تعالى :﴿وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعَام : ١٠٠].
١٣٨