﴿مَن يَهدِ الله فهو المهتدِ﴾ الذي أصاب الفلاح. والمراد : إما الثناء عليهم، والشهادة بإصابة المطلوب، والإخبار بتحقيق ما أمَّلُوه من نشر الرحمة وتهيئة المرافق، أو التنبيه على أن أمثال هذه الآية كثيرة، ولكن المنتفع بها هو مَنْ وفقه الله وهداه للاستبصار بها، ﴿ومن يُضلل﴾ أي : يخلق فيه الضلال ؛ بصرف اختياره إليه، ﴿فلن تجد له﴾، ولو بالغت في التتبع والاستقصاء، ﴿وليًّا﴾ : ناصرًا ﴿مُرشدًا﴾، يهديه إلى ما ذكر من الفلاح. والجملة معترضة بين أجزاء القصة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٤٦
ثم قال :﴿وتحسبُهُم﴾ بالفتح والكسر، أي : تظنهم ﴿أيقاظًا﴾، لانفتاح أعينهم، أو لكثرة تقلبهم، وهو جمع " يقظ " ؛ بظم القاف وكسرها، ﴿وهم رقود﴾ أي : نيام،
١٤٧
﴿ونُقلِّبهم﴾ في رقودهم ﴿ذاتَ اليمين﴾ أي : جهة تلي أيمانهم، ﴿وذات الشمال﴾ أي : جهة تلي شمائلهم ؛ لكي لا تأكل الأرضُ ما يليها من أبدانهم. قال ابن عباس رضي الله عنه : لو لم يتقلبوا لأكلتهم الأرض. قيل : كانوا يتقلبون مرتين في السنة. وقيل : مرة يوم عاشوراء. وقيل : في تسع سنين.
﴿وكلبهم باسطٌ ذراعيه﴾، حكاية حال ماضية أي : يبسط ذراعيه، وهو من المرفق إلى رأس الأصابع. ﴿بالوصيد﴾ أي : بموضع من الكهف، وقيل : بالفِناء من الكهف، وقيل : العَتَبة. وهذا الكلب، قيل : هو كلبٌ مَروا به فتبعهم، فطردوه مرارًا، فلم يرجع، فأنطقه الله، فقال : يا أولياء الله لا تخشوا إصابتي ؛ فإني أُحب أحباء الله، فناموا حتى أحرُسَكم. وقيل : هو كلبُ راعٍ مروا به فتبعهم على دينهم، ومر معه كلبه، ويؤيده قراءة :(وَكَالِبُهُمْ) أي : وصاحب كلبهم، وقيل : هو كلب صيد لهم أو زرع، واختُلف في لونه ؛ قيل أحمر، وقيل : أصفر، وقيل : أصهب.


الصفحة التالية
Icon