ثم وقع الخوض في عهد نبينا - عليه الصلاة والسلام - بين نصارى نجران حين قدموا المدينة، فجرى بينهم ذكر أهل الكهف وبين المسلمين في عددهم، كما قال تعالى :﴿سيقولون ثلاثةٌ رابعُهُم كلبهم﴾، وهو قول اليعقوبية من النصارى، وكبيرهم السيد، وقيل : قالته اليهود، ﴿ويقولون خمسة سادِسُهم كلبهُم﴾، هو قول النسطورية منهم، وكبيرهم العاقب، ﴿رجمًا بالغيب﴾ : رميًا بالخبر من غير اطلاع على حقيقة الأمر، أو ظنًا بالغيب من غير تحقيق، ﴿ويقولون سبعة وثامنهمْ كلبهم﴾، وهو ما يقوله المسلمون بطريق التلقي من هذا الوحي، وعدم نظمه في سلك الرجم بالغيب، وتغيير سبكه ؛ بزيادة الواو المفيدة لزيادةِ تأكيد النسبة فيما بين طرفيها، يَقضي بصحته.
قال تعالى :﴿قل﴾ يا محمد ؛ تحقيقًا للحق، وردًا على الأولين :﴿ربي أعلم بعدَّتهم﴾ أي : ربي أقوى علمًا بعدتهم، ﴿ما يعلمهم﴾ أي : ما يعلم عددهم ﴿إِلا قليلٌ﴾ من الناس، قد وفقهم الله تعالى للاطلاع عليهم بالدلائل أو بالإلهام. قال ابن عباس رضي الله عنه :" أنا من ذلك القليل "، قال : حين وقعت الواو انقطعت العدة، وأيضًا حين سكت عنه تعالى ولم يقل : رجمًا بالغيب، علم أنه حق. وعن علي - كرم الله وجهه - : أنهم سبعة، أسماؤهم : يمليخا، وهو الذي ذهب بورقهم، ومكسيلمينيا، وهو أكبرهم والمتكلم عنهم، ومشلينا، وفي رواية الطبري : ومجْسَيْسِيا بدله، وهؤلاء أصحاب يمين الملك، وكان عن يساره : مرنوش ودبرنوش وجشاذنوس، وكان يستشير هؤلاء الستة في أمره، و السابع : الراعي الذي تبعهم حين هربوا من دقيانوس، واسمه : كفشططيوش. وذكر ابن عطية عن الطبري غير هؤلاء، وكلهم عجميون، قال : والسندُ في معرفتهم واهْ. والله تعالى أعلم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٥٠


الصفحة التالية
Icon