﴿ولا تقولنّ لشيء﴾ أي : لأجل شيء تعزم عليه :﴿إِني فاعلٌ ذلك﴾ الشيء ﴿غدًا﴾ : فيما يستقبل من الزمان مطلقًا، فيصدق بالغد وما بعده ؛ لأنه نزل حين قالت اليهود لقريش : سلوه عن الروح، وعن أصحاب الكهف، وعن ذي القرنين. فسألوه ﷺ فقال :" غدًا أخبركم "، ولم يستثن، فأبطأ عليه الوحي، حتى شقَّ عليه، وكذبته قريشٌ، ثم نزلت السورة بعد أربعة عشر يومًا، أو قريبًا منها، على ما ذكره أهل السِّيَر، أي : لا تَقُلْ إني فاعل شيئًا في حال من الأحوال إلا متلبسًا بمشيئته على الوجه المعتاد، وهو أن تقول : إن شاء الله، أو في وقت من الأوقات، إن شاء الله أن تقوله، بمعنى : أن يأذن لك فيه، فإن النسيان بمشيئته تعالى.
﴿
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٥٢
واذكر ربكَ﴾ بقولك : إلا أن يشاء الله ؛ مستدركًا له، ﴿إِذا نسيتَ﴾ : إذا فرط منك نسيان ثم ذكرته. وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه : ولو بعد سنة ما لم يحنث. ولذلك جوَّز تأخير الاستثناء. وعامة الفقهاء على خلافه، إذ لو صح ذلك لما تقرر طلاق ولا عتاق، ولم يعلم صدق ولا كذب، وقال القرطبي : هذا في تدارك الترك والتخلص من الإثم، وأما الاستثناء المغير للحكم فلا يكون إلا متصلاً به، ويجوز أن يكون المعنى : واذكر ربك ؛ بالتسبيح والاستغفار ؛ إذا نسيت الاستثناء ؛ مبالغة في الحث عليه، أو : اذكر ربك إذا اعتراك نسيان ؛ لتستدرك ما فات، وحُمل على أداء الصلاة المنسية عند ذكرها. وسيأتي في الإشارة بقية الكلام عليها.
١٥٣