رُوِيَ : أن الكافر اشترى أرضًا بألف دينار، فقال صاحبه المؤمن : اللهم إن فلانًا اشترى أرضًا بألف، وإني أشتري منك أرضًا في الجنة بألف، فتصدق بألف دينار، ثم إن صاحبه بنى دارًا بألف دينار، فقال المؤمن : اللهم إن صاحبي بنى دارًا بألف، وإني أشتري منك دارًا في الجنة بألف، فتصدق بألف دينار، ثم إن صاحبه تزوج امرأة بألف دينار، فقال : اللهم، إن فلانًا تزوج بألف دينار، وإني أخطب منك من نساء الجنة بألف، فتصدق بألف دينار، ثم إن صاحبه اشترى خادمًا ومتاعًا بألف دينار، فقال : اللهم إن فلاناً اشترى خادماً ومتاعاً بألف، وإني أشتري منك خادماً ومتاعاً من الجنة بألف، فتصدق بألف دينار، ثم أصابته حاجة، فقال : لعل صاحبي يُناولني معروفه، فأتاه، فقال : ما فعل مالك ؟ فأخبره قصته، فقال : أو إنك لمن المصدقين بهذا ؟ والله لا أعطيك شيئًا، فلما تُوفيا آل أمرهما إلى ما ذكر الله في سورة الصافات بقوله :﴿قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ﴾ [الصافات : ٥١، ٥٢] الآية.
وبيَّن حالهما في الدنيا بقوله :﴿جعلنا لأحدهما﴾ وهو الكافر، ﴿جنتين﴾ : بساتين ﴿من أعنابٍ﴾ : من كروم متنوعة، ﴿وحفَفناهما بنَخْلٍ﴾ أي : جعلنا النخل محيطة بهما محفوظًا بها كرومهما، ﴿وجعلنا بينهما﴾ : وسطهما ﴿زرعًا﴾ ؛ ليكون كل منهما جامعًا للأقوات والفواكه، متواصل العمارة، على الهيئة الرائقة، والوضع الأنيق. ﴿كلتا الجنتين آتت أُكُلَها﴾ : ثمرها وبلغ مبلغًا صالحًا للأكل، ﴿ولم تَظْلِم منه شيئًا﴾ أي : لم تنقص من أكلها شيئًا في كل سنة، بخلاف سائر البساتين، فإن الثمار غالبًا تكثر في عام وتقل في عام، ﴿وفجَّرْنا خِلالهما﴾ : فيما بين كل من الجنتين ﴿نَهَرًا﴾ على حدةٍ، وقرئ بالسكون. والنهر : الماء الكثير، وكان لكل بستان نهر ؛ ليدوم شربها ويدوم بهاؤها.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٦٠