قال في لطائف المنن : لا تدخل جنة علمك وعملك، وما أعطيت من نور وفتح فتقول كما قال من خذِل، فأخبر الله عنه بقوله :﴿ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدًا...﴾ الآية. ولكن ادخلها كما بيّن لك، وقل كما رَضي لك :
١٦٤
﴿ولولا إِذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلاّ بالله﴾، وافهم ههنا قوله ﷺ :" لا حَوْلَ ولاَ قُوَّةَ إلاَّ بالله كَنْزٌ من كُنُوزِ الجنة " وفي رواية أخرى :" كنز من كنوز تحت العرش ". فالترجمة : ظاهر الكنز، والمكنوز فيها : صدق التبري من الحول والقوة، والرجوع إلى حول الله وقوته.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٦٠
قلت :﴿كماءٍ﴾ : خبر عن مضمر، أي : هي كماء، ويجوز أن يكون مفعولاً ثانيًا لاضْربْ، على أنه بمعنى " صيِّر ".
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿واضربْ لهم مَثَل الحياة الدنيا﴾ أي : واذكر لهم ما يشبهها في زهرتها ونضارتها، وسرعة انقراضها وفنائها ؛ لئلا يطمئنوا إليها ويغفُلوا عن الآخرة، هي ﴿كماءٍ أنزلناه من السماء﴾ وهو المطر، ﴿فاختلط به﴾ أي : بسببه ﴿نباتُ الأرض﴾ بحيث التف وخالط بعضُه بعضًا ؛ من كثرته وتكاثفه، ثم مرت مدة قليلة ﴿فأصبح هشيمًا﴾ أي : مهشومًا مكسورًا، ﴿تذروه الرياحُ﴾ أي : تُفرقه وتطيره، كأن لم يَغْنَ بالأمس، ﴿وكان الله على كل شيء مقتدرًا﴾ : قادرًا، ومن جملة الأشياء : الإفناء والإنشاء.


الصفحة التالية
Icon