على الدنيا فليبك، فإنها موضع البكاء " قال أبو هريرة رضي الله عنه : فبكى جماعة الحاضرين ".
١٦٦
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٦٥
قلت :﴿ويوم﴾ : معمول لمحذوف، أي : واذكر، أو عطف على قوله :" عند ربك "، أي : والباقيات الصالحات خير عند ربك ويوم القيامة، و ﴿حشرناهم﴾ : عطف على ﴿نُسيّر﴾ ؛ للدلالة على تحقق الحشر المتفرع على البعث الذي ينكره المشركون، وعليه يدور أمر الجزاء، وكذا الكلام فيما عطف عليه، منفيًا وموجبًا، وقيل : هو للدلالة على أن حشرهم قبل التسيير والبروز ؛ ليعاينوا تلك الأهوال، كأنه قيل : وحشرناهم قبل ذلك. و ﴿نغادر﴾ : نترك، يقال : غادره وأغدره : إذا تركه، ومنه : الغدير ؛ لما يتركه السيل في الأرض من الماء، و ﴿صفًّا﴾ : حال، أي : مصْطفين.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿و﴾ اذكر ﴿يوم نُسيِّرُ الجبالَ﴾ أي : حين نقلعها من أماكنها ونسيرها في الجو، على هيئتها، كما ينبئ عنه قوله تعالى :﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ﴾ [النمل : ٨٨] أو : نسير أجزاءها بعد أن نجعلها هباء منثورًا، والمراد من ذكره : تحذير الغافلين مما فيه من الأهوال، وقرئ :" تُسَيَّر " ؛ بالبناء للمفعول ؛ جريًا على سَنَن الكبرياء، وإيذانًا بالاستغناء عن الإسناد إلى الفاعل ؛ لظهور تعينه، ثم قال :﴿وترى الأرضَ﴾ أي : جميع جوانبها، والخطاب للرسول ﷺ، أو لكل من يسمع، ﴿بارزةً﴾ : ظاهرة، ليس عليها جبل ولا غيره. بل تكون ﴿فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً لاَّ تَرَىا فِيهَا عِوَجاً وَلاا أَمْتاً﴾ [طه : ١٠٦، ١٠٧]. ﴿وحشرناهم﴾ : جمعناهم إلى الموقف من كل حدب، مؤمنين وكافرين، ﴿فلم نُغادرْ﴾ أي : لم نترك ﴿منهم أحدًا﴾.


الصفحة التالية
Icon