قلت :﴿جَدَلاً﴾ : تمييز، و ﴿ربك﴾ : مبتدأ و ﴿الغفور﴾ : خبره، و ﴿ذو الرحمة﴾ : خبر بعد خبر، وقيل : الخبر :﴿لو يؤاخذهم﴾، و ﴿الغفور ذو الرحمة﴾ : صفتان للمبتدأ، وإيراد المغفرة على جهة المبالغة دون الرحمة ؛ للتنبيه على كثرة الذنوب، وأيضًا : المغفرة ترك المؤاخذة، وهي غير متناهية، والرحمة فعل، وهو متناهي، وتقديم الوصف الأول ؛ لأن التخلية قبل التحلية، و (المُهْلَك) ؛ بضم الميم وفتح اللام : اسم مصدر، من أهلك، فالمصدر، على هذا، مضاف للمفعول ؛ لأن الفعل متعد، وقرئ بفتح الميم، من هلك، فالمصدر، على هذا، مضاف للفاعل.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ولقد صرَّفنا﴾ أي : كررنا وأوردنا على وجوهٍ كثيرة من النظر العجيب، ﴿في هذا القرآنِ للناس﴾ ؛ لمصلحتهم ومنفعتهم، ﴿من كل مَثَلٍ﴾ ؛ من كل خبر يحتاجون إليه، أو : من كل مثل مضروب يعتبرون به، ومن جملته ما مر من مثل الرجلين، ومثل الحياة الدنيا. أو : من كل نوع من أنواع المعاني البديعة الداعية إلى الإيمان، التي هي، في الغرابة والحسن واستجلاب القلوب، كالمثل المضروب، ليتلقوه بالقبول، فلم يفعلوا. ﴿وكان الإنسانُ﴾ بحسب جِبلَّته ﴿أكثرَ شيءٍ جدلاً﴾ أي : أكثر الأشياء، التي يتأتى منها الجدل، جدلاً، وهو هنا شدة الخصومة بالباطل، والمعنى : أن جدله أكثر من جدل كل مجادل، وفيها ذم الجدل. وسببها : مجادلة النضر بن الحارث كما قيل، وهي عامة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٧١


الصفحة التالية
Icon