قلت :﴿بينهما﴾ : ظرف مضاف إليه ؛ اتساعًا، أو بمعنى الوصل، و ﴿سَرَبًا﴾ : مفعول ثان لاتخذ، و ﴿إذ أوينا﴾ : متعلق بمحذوف، أي : أخبرني ما دهاني حين أويتُ إلى الصخرة حتى لم أخبرك بأمر الحوت، فإني نسيتُ أن أذكر لك أمره. و ﴿أن أذكره﴾ : بدل من الهاء في ﴿أنسانيه﴾ ؛ بدل اشتمال ؛ للمبالغة، و ﴿عجبًا﴾ : مفعول ثان لاتخذ، وقيل : إن الكلام قد تم عند قوله :﴿في البحر﴾، ثم ابتدأ التعجب فقال :﴿عجبًا﴾ أي : أَعْجَبُ عَجَبًا، وهو بعيد. قاله ابن جزي. قلت : وهذا البعيد هو الذي ارتكب الهبطي. و ﴿قصصًا﴾ : مصدر، أي : يقصان قصصًا.
يقول الحقّ جلّ جلاله : ثم إن موسى ويوشع - عليهما السلام - حملا حوتًا مشويًا وخُبزًا، وسارا يلتمسان الخضر، ﴿فلما بلغا مَجْمَعَ بينهما﴾ ؛ بين البحرين، أو مجمع وصل بعضهما ببعض، وجدا صخرة هناك، وعندها عين الحياة، لا يصيب ذلك الماءُ شيئًا إلا حَيِيَ بإذن الله، وكانا وَصَلاَ إليها ليلاً، فناما، فلما أصاب السمكة رَوْحُ الماء وبردُه اضطرب في المِكْتَلِ، ودخل البحر، وقد كانا أَكَلاَ منه، وكان ذلك بعد استيقاظ يوشع، وقيل : توضأ عليه السلام من تلك العين، فانتضح الماء على الحوت، فحيى ودخل البحر، فاستيقظ موسى، وذهبا، و ﴿نَسِيَا حوتَهما﴾ أي : نسيا تفقد أمره وما يكون منه، أو نسي يوشع أن يعلمه، وموسى عليه السلام أن يأمر فيه بشيء، ﴿فاتخذ﴾ الحوت ﴿سبيله﴾ أي : طريقه ﴿في البحر سَرَبًا﴾ ؛ مسلكًا كالطّاق، قيل : أمسك الله جرية الماء على الحوت فجمد، حتى صار كالطاق في الماء ؛ معجزة لموسى أو الخضر - عليهما السلام -.


الصفحة التالية
Icon