وقال في القوت في قوله :﴿فلا تسألن عن شيء﴾ : الشيء في هذا الموضع وصف مخصوص من وصف الربوبية من العلم، الذي علمه الخضر عليه السلام من لدنه، لا يصلح أن يسأل عنه، من معنى صفات التوحيد ونعوت الوحدانية، لا يوكل إلى العقول، بل يخص به المراد المحمول. هـ.
قال المحشي الفاسي : وهو - أي : المحمول - ما يرشَقْ فيهم من وصف الحق وقدرته، فيتصرفون، وهم في الحقيقة مُصرِّفُون، وهؤلاء هم أهل القبضة، الذين علَّمهم سِرَّ الحقيقة، فلهم قدرة لنفوذ شعاعها فيهم، فتتكوّن لهم الأشياء، وتنفعل لحملهم سر الحقيقة وظهورها لهم وفيهم، وهم كما قال : مرادون محمولون، فما يجري عليهم : قدر ﴿وما رميت…﴾ الآية. هـ.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٧٩
قلت : ضمَّن ركوب السفينة معنى الدخول فيها، فعداه بفي، وقد تركه على أصله في قوله :﴿لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ [النّحل : ٨].
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿فانطلقا﴾ أي : موسى والخضر، وسكت عن الخادم ؛ لكونه تبعًا، وقيل : إن يوشع لم يصحبهما، بل رجع، فصارا يمشيان على ساحل البحر، فمرت بهم سفينة، فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر، فحملوهم بغير نَوْل، فلما لَجَّجُوا البَحْرَ أخذ الخضرُ فأسًا فخرق السفينة، فقلع لوحًا أو لوحين مما يلي الماء، فحشاها موسى بثوبه، و ﴿قال أخرقتها لتُغرق أهلَها﴾ أو : ليَغرَق أهلُها، ﴿لقد جئتَ﴾ أي : أتيتَ وفعلت، ﴿شيئًا إِمْرًا﴾ أي : عظيمًا هائلاً، يقال : أَمِر الأمرُ : عظم، ﴿قال﴾ الخضر :﴿ألم أقل إِنك لن تستطيع معي صبرًا﴾ ؛ تذكيرًا لما قاله له من قبلُ، وإنكارًا
١٨٢


الصفحة التالية
Icon