لِعدم الوفاء بالعهد، ﴿قال﴾ موسى عليه السلام :﴿لا تُؤاخذني بما نسيتُ﴾ أي : بنسياني، أو بالذي نسيته، وهو وصيته بأن لا يسأله عن حكمة ما صدر عنه من الأفعال الخفية الأسباب قبل بيانه، أراد : نسي وصيته، ولا مؤاخذة على الناسي، وفي الحديث :" كانت الأولى مِن مُوسى نسيانًا " أو : أراد بالنسيان الترك، أي : لا تُؤاخذني بما تركت من وصيتك أول مرة. ﴿ولا تُرهقني﴾ أي : لا تُغْشِنِي ولا تُحَمِّلْنِي ﴿من أمري﴾، وهو اتباعك، ﴿عُسرًا﴾ أي : لا تعَسِّرْ عليّ في متابعتك، بل يسرها عليّ ؛ بالإغضاء والمسامحة.
﴿
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٨٢
فانطلقا﴾
أي : فقبل عذره ؛ فخرجا من السفينة فانطلقا ﴿حتى إذا لقيا غلامًا فقتله﴾ قيل : كان يلعب مع الغلمان ففتَلَ عنقه، وقيل : ضرب رأسه بحجر، وقيل : ذبحه، والأول أصح ؛ لوروده في الصحيح، رُوي أن اسم الغلام " جيسور " بالجيم، وقيل : بالحاء المهملة، فإِن قلت : لِمَ قال ﴿خرقها﴾ ؛ بغير فاءٍ، وقال :﴿فقتله﴾ بالفاء ؟ فالجواب : أن " خَرَقَها " : جواب الشرط، و ﴿قتله﴾ : من جملة الشرط، معطوفًا عليه، والجزاء هو قوله :﴿قال أقتلت﴾، فإن قلت : لِمَ خولف بينهما ؟ فالجواب : أن خرق السفينة لم يتعقب الركوب، وقد تعقب القتل لِقاء الغلام. هـ. وأصله للزمخشري. وقال البيضاوي : ولعل تغيير النظم بأن جعل خرقها جزاء، واعتراض موسى عليه السلام مستأنفًا في الأولى، وفي الثانية ﴿فقتله﴾ من جملة الشرط، واعتراضه جزاء ؛ لأن القتل أقبح، والاعتراض عليه أدخل، فكان جديرًا بأن يجعل عمدة الكلام، ولذلك وصله بقوله :﴿لقد جئت شيئًا نُكرًا﴾ أي : منكرًا. هـ. وناقشه أبو السعود بما يطول ذكره.


الصفحة التالية
Icon