لبنات شعيب، وكان ما أصابه من التعب والجوع أكثر، ولكنه كان في ذلك الوقت محمولاً، وفي هذا الوقت مُتَحَمِّلا. هـ.
قلت : لأن الحق تعالى أراد تأديبه فلم يحمل عنه، فكان سالكًا محضًا، وفي وقت السقي : كان مجذوبًا محمولاً عنه.
ثم قال القشيري : وكما أن موسى كان يُحب صحبة الخضر ؛ لما له فيه من غرض استزادةٍ من العلم، كان الخضر يحب ترك صحبته ؛ إيثارًا للخلوة بالله عنه. هـ. قاله في الحاشية الفاسية.
الإشارة : يُؤخذ من خرق السفينة أن المريد لا تفيض عليه العلوم اللدنية والأسرار الربانية حتى يخرق عوائد نفسه، ويعيب سفينة وجوده، بتخريب ظاهره، حتى لا يقبله أحد، ولا يُقبل عليه أحد، فبذلك يخلو بقلبه ويستقيم على ذكر ربه، وأما ما دام ظاهره متزينًا بلباس العوائد، فلا يطمع في ورود المواهب والفوائد.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٨٢
ويُؤخذ من قتل الغلام : أنه لا بد من قتل الهوى، وكل ما فيه حظ للنفس والشيطان والطريق في ذلك أن تنظر ما يثقل على النفس فتُحمله لها، وما يخف عليها فتحجزها عنه، حتى لا يثقل عليها شيء من الحق. ويؤخذ من إقامة الجدار رسم الشرائع ؛ قيامًا بآداب العبودية، وصونًا لكنز أسرار الربوبية. ويؤخذُ منه أيضًا : الإحسان لمن أساء إليه، فإن أهل القرية أساؤوا ؛ بترك ضيافة الخضر، فقابلهم بالإحسان ؛ حيث أقام جدارهم. والله تعالى أعلم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٨٢
قلت :﴿هذا﴾، الإشارة إما إلى نفس الفراق، كقولك : هذا أخوك، أو إلى الوقت الحاضر، أي : هذا وقت الفراق. أو إلى السؤال الثالث. و ﴿بيني﴾ : ظرف مضاف إليه المصدر ؛ مجازًا، وقرئ بالنصب، على الأصل، و ﴿غَصْبًا﴾ : مصدر نوعي ليأخذ.
١٨٥


الصفحة التالية
Icon