﴿وأما الجدارُ﴾ الذي أقمتُ ﴿فكان لغلامين يتيمين في المدينة﴾ أي : القرية المذكورة فيما سبق، ولعل التعبير عنها بالمدينة ؛ لإظهار نوع اعتداد بها، باعتداد ما فيها من اليتيمين وأبيهما الصالح، قيل : اسم اليتيمين أصرم وصريم. ﴿وكان تحته كنزٌ لهما﴾ من فضة وذهب، كما في الحديث، والذم على كنزهما إنما هو لمن لم يؤد زكاته، مع أن هذه شريعة أخرى. قال ابن عباس :(كان لوحًا من ذهب، مكتوب فيه : عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن ؟ وعجبت لمن يؤمن بالرزق كيف يتعب ؟ وعجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح ؟ وعجبت لمن يؤمن بالحساب كيف يغفل ؟ وعجبت لمن يعرف الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها ؟ لا إله إلا الله، محمد رسول الله). وقيل : كانت صحفًا فيها علم مدفون.
﴿
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٨٥
وكان أبوهما صالحًا﴾
، فيه تنبيه على أن سَعْيَهُ في ذلك كان لصلاح أبيهما، وفيه دليل على أن الله تعالى يحفظ أولياءه في ذريتهم، قيل : كان بينهما وبين الأب الذي حُفظا به سبعة أجداد. قال محمد بن المنكدر :(إن الله تعالى ليحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده، ومَسربته التي هو فيها، والدويرات التي حولها، فلا يزالون في حفظ الله وستره). وكان سعيد بن المسيب يقول لولده : إني لأزيد في صلاتي من أجلك، رجاء أن أُحْفَظَ فيك، ويتلو هذه الآية. ويتلو هذه الآية. وفي الحديث :" ما أحسن أحدٌ الخلافة في ماله إلا أحسن الله الخلافة في تركته " ويؤخذ من الآية : القيام بحق أولاد الصالحين ؛ إذ قام الخضر عليه السلام بذلك.
﴿فأراد ربك﴾ أي : مالكك ومُدبر أمرك. وفي إضافة الرب إلى ضمير موسى عليه السلام، دون ضميرهما، تنبيه له عليه السلام على تحتم كمال الانقياد، والاستسلام
١٨٧


الصفحة التالية
Icon