واختُلِفَ في ذي القرنين المذكور في القرآن : هل كان نبيًا أو ملَكًا - بفتح اللام - أو ملِكًا - بالكسر - وهو الصحيح، واختلف في وجه تسميته بذي القرنين ؛ فقيل : كان في رأسه أو تاجه ما يشبه القرنين، وقيل : لأنه كان له ذؤابتان، وقيل : لأنه دعا الناس إلى الله عزّ وجلّ، فضُرب بقرنه الأيمن، ثم دعا إلى الله فضرب بقرنه الأيسر، وقيل : لأنه رأى في منامه أنه صعد الفلك فأخذ بقرني الشمس، وقيل : لأنه انقرض في عهده قرنان، وقيل : لأنه سخر له النور والظلمة، فإذا سرى يهديه النور من أمامه، وتحوطه الظلمة من ورائه. هـ.
١٩١
ثم ذكر الحق تعالى الجواب، فقال :﴿قل سأتلو عليكم﴾ أي : سأذكر لكم ﴿منه ذكرًا﴾ أي : خبرًا مذكورًا، أو قرآنا يخبركم بشأنه، والسين ؛ للتأكيد، والدلالة على التحقق المناسب لمقام تأييده ﷺ، وتصديقه بإنجاز وعده، لا للدلالة على أن التلاوة ستقع في المستقبل ؛ لأن هذه الآية نزلت موصولة بما قبلها، حين سألوه ﷺ عنه، وعن الروح، وعن أهل الكهف، فقال : غدًا أُخبركم، فتأخر الوحي كما تقدم، ثم نزلت السورة مفصلة. ثم شرع في تلاوة ذلك الذكر، فقال :﴿إِنا مكنَّا له في الأرض﴾ أي : مكنا له فيها قوة يتصرف فيها كيف يشاء، بتيسير الأسباب وقوة الاقتدار، حيث سخر له السحاب، ومدّ له في الأسباب، وبسط له النور، فكان الليل والنهار عليه سواء، وسهل له السير في الأرض وذللت له طرقها، ﴿وآتيناه من كل شيء﴾ أراده من مهمات ملكه ومقاصده المتعلقة بسلطانه ﴿سببًا﴾ أي : طريقًا يُوصله إليه ؛ من علم، أو قدرة، أو آلة، فأراد الوصول إلى الغرب ﴿فأتْبَع سببًا﴾ : طريقًا يوصله إليه.


الصفحة التالية
Icon