رُوِيَ أن ذا القرنين بينما هو يسير في سياحته إذ رُفع إلى أمة صالحة، يهدون بالحق وبه يعدلون، يقسمون بالسوية، ويحكمون بالعدل، وقبورهم بأبواب بيوتهم، وليْسَتْ لبيوتهم أبواب، وليس عليهم أُمراء، وليس بينهم قضاة، ولا يختلفون ولا يتنازعون، ولا يقتتلون، ولا يضحكون ولا يحزنون، ولا تُصيبهم الآفات التي تُصيب الناس، أطول الناس أعمارًا، وليس فيهم مسكين ولا فظ ولا غليظ، فعجب منهم، وقال : خبِّروني بأمركم، فلم أر في مشارق الأرض ومغاربها مثلكم، فما بال قبوركم على أبواب بيوتكم ؟ قالوا : لئلا ننسى الموت ؛ ليمنعنا ذلك من طلب الدنيا، قال : فما بال بيوتكم لا أبواب لها ؟ قالوا : ليس فيها مُتهم، ولا فينا إلا أمين مؤتمن. قال : فما بالكم ليس فيكم حُكَّام ؟ قالوا : لا نختصم، قال : فما بالكم ليس فيكم أغنياء ؟ قالوا : لا نتكاثر. قال : فما بالكم ليس فيكم ملوك ؟ قالوا : لا نفتخر، قال : فما بالكم لا تتنازعون ولا تختلفون ؟ قالوا : من أُلفة قلوبنا وصلاح ذات بيننا، قال : فما بال طريقتكم واحدة وكلمتكم مستقيمة ؟ قالوا : من أجل أننا لا نتكاذب، ولا نتخادع، ولا يغتاب بعضنا بعضًا. قال : أخبروني من أين
١٩٩


الصفحة التالية
Icon