والمختار : العموم في كل من عمل عملاً فاسدًا، يظن أنه صحيح من الكفرة، بدليل قوله :﴿أولئك الذين كفروا بآيات ربهم﴾ : بدلائل التوحيد، عقلاً ونقلاً، ﴿ولقائه﴾ : البعث وما يتبعه من أمور الآخرة، ﴿فحَبِطَتْ﴾ لذلك ﴿أعمالُهم﴾ المعهودة حبوطًا كليًا، ﴿فلا نُقيم لهم﴾ أي : لأولئك الموصوفين بحبوط الأعمال، ﴿يومَ القيامة وزنًا﴾ أي : فنُهينُهم، ولا نجعل لهم مقدارًا واعتبارًا ؛ لأن مدار التكريم : الأعمالُ الصالحة، وقد حبطت بالمرة ؛ قال ﷺ :" يُؤتى بالرَّجُل السَّمِين العَظِيم يَوْمَ القِيَامَةِ، فلاَ يَزنُ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ " ؛ اقْرَأوا إن شِئْتُمْ :﴿فلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْنًا﴾. أو : لا نضع لأجل وزن أعمالهم ميزانًا ؛ لأن الكفر أحبطها. أو : لا نقيم لهم وزنًا نافعًا. قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : يأتي أناسٌ بأعمالهم يوم القيامة، هي عندهم في العِظَم كجبال تهامة، فإذا وزنوها لا تزن شيئًا، فذلك قوله :﴿فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنًا﴾.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٠١
ثم بيَّن مآل كفرهم بعد أن بيَّن مآل أعمالهم، فقال :﴿ذلك﴾ الصنف الذين حبطت أعمالهم ﴿جزاؤُهم جهنمُ﴾، أو الأمر ذلك، ثم استأنف بقوله :﴿جزاؤُهم جهنمُ بما كفروا﴾ أي : بسبب كفرهم المتضمن لسائر القبائح، التي من جملتها ما تضمنه قوله :﴿واتَّخذُوا آياتي﴾ الدالة على توحيدي أو كلامي، أو معجزاتي، ﴿ورسلي هُزُوًا﴾ أي : مهزوًا بهم، فلم يقتنعوا بمجرد الكفر، بل ارتكبوا ما هو أعظم، وهو الاستهزاء بالآيات والرسل. عائذًا بالله من ذلك.


الصفحة التالية
Icon