وقيل :﴿سريًا﴾ أي : سيدًا نبيلاً رفيعَ الشأن جليلاً، وهو عيسى عليه السلام، والتنوين حينئذ للتفخيم. والجملة تعليل لانتفاء الحزن المفهوم من النهي. والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميرها ؛ لتشريفها وتأكيد التعليل وتكميل التسلية.
ثم قال :﴿وهُزّي إِليك﴾ أي : حركي النخلة إليك، أي : جاذبة لها إلى جهتك. فهَزُّ الشيء : تحريكه إلى الجهات المتقابلة تحريكًا عنيفًا، والمراد هنا ما كان بطريق الجذب والدفع. والباء في قوله :﴿بجذع النخلة﴾ : صلة للتأكيد، لقول العرب : هزَّ الشيء وهز به، أو للإلصاق. فإذا هززت النخلة ﴿تَسَّاقَط﴾ أي : تتساقط. وقُرئ : تساقِطَ، وتُسْقِط، أي : النخلة عليك إسقاطًا متواترًا بحسب تواتر الهز ﴿رُطبًا جنيًا﴾ أي : طريًّا، وهو ما قطع قبل يبسه. فعيل بمعنى مفعول، أي : مجنيًا صالحًا للاجتناء. ﴿فكُلي﴾ من ذلك الرطب ﴿واشربي﴾ من ذلك السري، ﴿وقَرّي عينًا﴾ ؛ وطيبي نفسًا وارفضي عنك ما أحزنك وأهمك، فإنه تعالى قد نزه ساحتك عن التُهم، بما يفصح به لسان ولدك من التبرئة. أو : وقري عينًا بحفظ الله ورعايته في أمورك كلها. وقرة العين : برودتها، مأخوذ من القرّ، وهو البرد ؛ لأن دمع الفرح بارد، ودمع الحزن سُخن، ولذلك يقال : قرة العين للمحبوب، وسُخنة العين للمكروه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢١٦