قلت :﴿وإن الله﴾ : عطف على قوله :﴿إني عبد الله﴾ فيمن كسر، وعلى حذف اللام فيمن فتح، أي : ولأن الله ربي وربكم. وقال الواحدي وأبو محمد مكي : عطف على قوله :﴿بالصلاة﴾ أي : أوصاني بالصلاة وبأن الله... الخ : وقال المحلي : بالفتح، بتقدير اذكر، وبالكسر بتقدير " قل ". و ﴿قول الحق﴾ : مصدر مؤكد لقال، فيمن نصب، وخبر عن مضمر، فيمن رفع، أي : هو، أو هذا. و ﴿إذا قضى﴾ : بدل من ﴿يوم الحسرة﴾، أو ظرف للحسرة. و ﴿هم في غفلة وهم لا يؤمنون﴾ : جملتان حاليتان من الضمير المستقر في الظرف في قوله :﴿في ضلال مبين﴾ أي : مستقرين في الضلال وهم في تينك الحالتين.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ذلك﴾ المنعوت بتلك النعوت الجليلة، والأوصاف الحميدة هو ﴿عيسى ابنُ مريم﴾، لا ما يصفه النصارى به من وصف الألوهية، فهو تكذيب لهم على الوجه الأبلغ والمنهاج البرهاني، حيث جعله موصوفًا بأضداد ما يصفونه به. وأتى بإشارة البعيد ؛ للدلالة على علو رُتبته وبُعد منزلته، وامتيازه بتلك المناقب الحميدة عن غيره، ونزوله منزلة المشاهد المحسوس.
هذا ﴿قولُ الحق﴾، أو قال عيسى ﴿قولَ الحق﴾ الذي لا ريب فيه، وأنه عبد الله ورسوله، ﴿الذي فيه يمترون﴾ أي : يشكون أو يتنازعون، فيقول اليهود : ساحر كذاب، ويقول النصارى : إله، أو ابن الله. ﴿ما كان لله أن يتخذ من ولد﴾ أي : ما صح، أو ما استقام له أن يتخذ ولدًا، ﴿سبحانه﴾ وتعالى عما يقولون علوًا كبيرًا، فهو تنزيه عما بهتوه، ونطقوا به من البهتان، وكيف يصح أن يتخذ الله ولدًا، وهو يحتاج إلى أسباب ومعالجة، وأمره تعالى أسرع من لحظ العيون، ﴿إِذا قضى أمرًا فإِنما يقول له كن فيكون﴾.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٢١