﴿أسمِعْ بهم وأبصرْ﴾ أي : ما أسمعهم وما أبصرهم، تعجب من حدة سمعهم وإبصارهم يومئذ. والمعنى : أن أسماعهم وأبصارهم ﴿يوم يأتوننا﴾ للحساب والجزاء جدير أن يُتعجب منها، بعد أن كانوا في الدنيا صمًا عميًا. أو : ما أسمعهم وأطوعهم لما أبصروا من الهدى، ولكن لا ينفعهم يومئذ مع ضلالهم عنه اليوم، فقد سمعوا وأبصروا، حين لم ينفعهم ذلك. قال الكلبي : لا أحد يوم القيامة أسمع منهم ولا أبصر، حين يقول الله لعيسى :﴿أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـاهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ [المَائدة : ١١٦]. هـ. ويحتمل أن يكون أمر تهديد لا تعجب، أي : أسمعهم وأبصرهم مواعيد ذلك اليوم، وما يحيق بهم فيه، فالجار والمجرور، على الأول، في موضع رفع، وعلى الثاني : نصب. ﴿لكن الظالمون اليومَ﴾ أي : في الدنيا، ﴿في ضلال مبين﴾ أي : لا يدرك غايته، حيث غفلوا عن الاستماع والنظر بالكلية. ووضع الظالمين موضع الضمير ؛ للإيذان بأنهم في ذلك ظلمون لأنفسهم حيث تركوا النظر.
﴿وأنذرهم يوم الحسرة﴾ يوم يتحسر الناس قاطبة، أما المسيء فعلى إساءته، وأما المحسن فعلى قلة إحسانه، ﴿إِذ قُضيَ الأمر﴾ أي : فرغ من يوم الحساب، وتميز الفريقان، إلى الجنة وإلى النار.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٢١