رُوِيَ أن النبي ﷺ سُئل عن ذلك، فقال :" حين يجاء بالموت على صورة كبش أملح، فيُذبح، والفريقان ينظرون، فينادي ؛ يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، فيزداد أهل الجنة فرحًا إلى فرحهم، وأهل النار غمًا إلى غمهم، ثم قرأ ﷺ :﴿وأنذرهم يوم الحسرة إِذْ قُضي الأمر وهم في غفلة﴾، وأشار بيده إلى الدنيا " قال مقاتل :(لولا ما قضى الله من تعميرهم فيها، وخلودهم ؛ لماتوا حسرة حين رأوا ذلك). ﴿وهم﴾ في هذا اليوم ﴿في غفلة﴾ عما يراد بهم في الآخرة، ﴿وهم لا يُؤمنون﴾ بهذا ؛ لاغترارهم ببهجة الدنيا، فلا بد أن تنهد دعائمها، وتمحى بهجتها، ويفنى كل ما عليها، قال تعالى :﴿إِنا نحن نرث الأرضَ ومَنْ عليها﴾ لا ينبغي لأحد غيرنا أن يكون له عليها وعليكم ملك ولا تصرف، أو : إنا نحن نتوفى الأرض ومن عليها، بالإفناء والإهلاك، توفي الوارث لإرثه، ﴿وإِلينا يُرجعون﴾ ؛ يُردون إلى الجزاء، لا إلى غيرنا، استقلالاً أو اشتراكًا. والله تعالى أعلم.
٢٢٣
الإشارة : ينبغي للعبد المعتني بشأن نفسه أن يحصِّن عقائده بالدلائل القاطعة، والبراهين الساطعة، على وفاق أهل السُنَّة، ثم يجتهد في صحبة أهل العرفان، أهل الذوق والوجدان، حتى يُطلعوه على مقام الإحسان، مقام أهل الشهود والعيان. فإذا فرط في هذا، لحقه الندم والحسرة، في يوم لا ينفع فيه ذلك. فكل من تخلف عن مقام الذوق والوجدان ؛ فهو ظالم لنفسه باخس لها، يلحقه شيء من الخسران، ولا بد أنْ تبقى فيه بقية من الضلال، حيث فرط عن اللحوق بطريق الرجال، قال تعالى :﴿لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين﴾.


الصفحة التالية
Icon