﴿قال﴾ له إبراهيم عليه السلام :﴿سلامٌ عليك﴾ مني، لا أصيبك بمكروه، وهو توديع ومُتاركة على طريق مقابلة السيئة بالحسنة، أي : لا أشافهك بما يؤذيك، ولكن ﴿سأستغفر لك ربي﴾ أي : أستدعيه أن يغفر لك. وقد وفى عليه السلام بقوله في سورة الشعراء :﴿وَاغْفِرْ لأَبِيا إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّآلِّينَ﴾ [الشُّعَرَاء : ٨٦]. أو : بأن يوفقك للتوبة ويهديك للإيمان. والاستغفارُ بهذا المعنى للكافر قبل تبين أنه يموت على الكفر مما لا ريب في جوازه، وإنما المحظور استدعاء المغفرة مع بيان شقائه بالوحي، وأما الاستغفار له بعد موته فالعقل لا يحيله. ولذلك قال ﷺ لعمه أبي طالب :" لا أزال أستغفر لك ما لم أنه عنك " ثم نهاه عنه كما تقدم في التوبة. فالنهي من طريق السمع، ولا اشتباه أن هذا الوعد من إبراهيم، وكذا قوله :﴿لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾ [المُمتَحنَة : ٤]، وقوله :﴿وَاغْفِرْ لأَبِيا إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّآلِّينَ﴾ [الشُّعَرَاء : ٨٦]، إنما كان قبل انقطاع رجائه من إيمانه، بدليل قوله :﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للَّهِ تَبَرَّأ﴾ [التّوبَة : ١١٤].
وقوله تعالى :﴿إِنه كان بي حَفيًّا﴾ أي : بليغًا في البر والألطاف، رحيمًا بي في أموري، قد عوَّدني الإجابة. أو عالمًا بي يستجيب لي إن دعوتُه، وفي القاموس : حَفِيَ
٢٢٧
كَرَضِيَ، حَفَاوةً. ثم قال : واحتفًا : بالَغَ في إكْرامِه وأظْهَرَ السُّرُورَ والفَرَحَ به، وأكَثَر السُؤَالَ عن أحواله، فهو حافٍ وحفي. هـ.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٢٧


الصفحة التالية
Icon