رُوِيَ أنه واعد رجلاً أن يلقاه في موضع، فجاء إسماعيل، وانتظر الرجلَ يومه وليلته - وقيل : ثلاثة أيام - فلما كان في اليوم الآخر، جاء الرجل، فقال له إسماعيل :
٢٣١
ما زلتُ هنا من أمس. وقال الكلبي : انتظره سنة، وهو بعيد. قال ابن عطية : وقد فعل مثل هذا نبيُنا ﷺ قبل مبعثه، ذكره النقاش وأخرجه الترمذي وغيره، وذلك في مبايعة وتجارة هـ. وقال القشيري : وعد من نفسه الصبر على ذبح أبيه، فصبر على ذلك، إلى أن ظهر الفداء، وصِدق الوعد دلالة حفظ العهد. هـ.
وقال ابن عطاء : وعد لأبيه من نفسه الصبر، فوفى به، في قوله :﴿سَتَجِدُنِيا إِن شَآءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ [الصَّافات : ١٠٢]. هـ. وهذا مبني على أنه الذبيح، وسيأتي تحقيق المسألة إن شاء الله.
﴿وكان رسولاً نبيًّا﴾ أي : رسولاً لجرْهُم ومن والاهم، مخبرًا لهم بغيب الوحي، وكان أولاده على شريعته، حتى غيرها عَمرو بن لحي الخزاعي، فأدخل الأصنام مكة. فما زالت تُعبَد حتى محاها نبينا محمد ﷺ بشريعته المطهرة.
﴿وكان﴾ إسماعيل ﴿يأمر أهله بالصلاة والزكاة﴾، قدَّم الأهل اشتغالاً بالأهم، وهو أن يُقبل بالتكميل على نفسه، ومن هو أقرب الناس إليه، قال تعالى :﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ [الشُّعَرَاء : ٢١٤]، ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ﴾ [طه : ١٣٢]، ﴿قُوااْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً﴾ [التّحْريم : ٦]، وقصد إلى تكميل الكل بتكميلهم ؛ لأنهم قدوة يُؤتَسى بهم. وقيل : أهله : أمته ؛ لأن الأنبياء - عليهم السلام - آباء الأمم. ﴿وكان عند ربه مَرْضِيًّا﴾ ؛ لاتصافه بالنعوت الجليلة التي من جملتها ما ذكر من الخصال الحميدة. والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon