وأيضًا : من شأن القلب في أول أمره الرطوبة، يتأثر بالواردات والأحوال، فإذا استمر عليها اشتد وصلُب بحيث لا يؤثر فيه شيء من الواردات الإلهية. وفي هذا المعنى قال أبو بكر رضي الله عنه، حين رأى قومًا يبكون عند سماع القرآن :(كذلك كنا ثم قست القلوب)، فعبَّر عن تمكنه بالقسوة، تواضعًا واستتارًا، وإنما أثنى على هؤلاء السادات بهذه الخصلة ؛ لأنها سُلّم لما فوقها. والله تعالى أعلم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣٤
قلت :﴿جنات عدن﴾ : بدل من الجنة، بدل بعض ؛ لاشتمالها عليها، وما بينهما اعتراض، أو نصب على المدح. و ﴿إلا سلامًا﴾ : منقطع، أي : لكن يسمعون سلامًا، ويجوز اتصاله، على أن المراد بالسلام الدعاء بالسلامة، فإن أهل الجنة أغنياء عنه، فهو داخل في اللغو. و ﴿بالغيب﴾ : حال من عائد الموصول، أي : وعدها، أو من العباد، و ﴿مأتِيًا﴾ : أصله مأتوي، فأبدل وأدغم كما تقدم.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿فخَلَفَ من بعدهم﴾ أي : جاء بعد أولئك الأكابر، ﴿خَلْفٌ﴾ أي : عقب سوء، يقال لعقب الخير " خَلَفٌ " بفتح اللام، ولعقب الشر " خلْف " بسكون اللام، أي : فعقبهم وجاء بعدهم عقب سوء، ﴿أضاعوا الصلاة﴾ أي : تركوها وأخروها عن وقتها، ﴿واتبعوا الشهواتِ﴾ ؛ من شرب الخمر، واستحلال نكاح الأخت، من الأب، والانهماك في فنون المعاصي، وعن علي رضي الله عنه : هم من بَني المُشيد، وركب المنضود، ولبس المشهور. قلت : ولعل المنضود : السُرج المرصعة بالجواهر والذهب. وقال مجاهد : هذا عند اقتراب الساعة، وذهاب صالح أمة محمد ﷺ، ينزو بعضهم على بعض في السكك والأزقة. هـ. ﴿فسوف يلقون غيًّا﴾ : شرًا، فكل شر عند العرب غيٌ، وكل خير رشاد. قال ابن عباس : الغيُّ : واد في جهنم، وإن أودية جهنم لتستعيذ من حرِّه، أُعد للزاني المصرِّ، ولشارب الخمر المدمن، ولأهل الرياء والعقوق والزور، ولمن أدخلت على زوجها ولدًا من غيره. هـ.


الصفحة التالية
Icon