الإشارة : ما قاله جبريل عليه السلام من كونه لا ينزل إلا بأمر ربه ليس خاصًا به ؛ بل كل أحد لا حركة له ولا سكون إلا بالله وبمشيئته، فلا يصدر عن أحد من عبيده قول ولا فعل، ولا حركة ولا سكون، إلا وقد سبق في علمه وقضائه كيف يكون، فلا انتقال ولا نزول إلا بقدر سابق وتحريك لاحق ؛ " ما من نفَس تبديه إلا وله قدر فيك يمضيه ". وقال الشاعر :
مشيناها خطى كُتبت علينا
ومن كُتبت عليه خطى مشاها
ومن قسمت منيته بأرض
فليس يموت في أرض سواها
فراحة الإنسان أن يكون ابن وقته، كل وقت ينظر ما يفعل الله به، فبهذا ينجو من التعب، ويتحقق له الأدب. وبالله التوفيق.
٢٣٩
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣٨
قلت :﴿أئذا﴾ : ظرف، والعامل فيه محذوف، أي : أأُخرج إذا مت، لا المتأخر عن اللام لأنه لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، إلا أن يرخص في الظروف. واللام في ﴿لَسَوْفَ﴾ ليست للتأكيد، فإنه مُنْكِرٌ، وكيف يحقق ما ينكر، وإنما كلامه حكاية لكلام النبي ﷺ، كأنه الذي قال : والله إن الإنسان إذا مات لسوف يُخرج حيًّا، فأنكر الكافر ذلك وحكى قوله، فنُزلت الآية على ذلك، قاله الجرجاني : و ﴿الشياطين﴾ : عطف على ضمير المنصوب، أو مفعول معه. و ﴿جثيًّا﴾ : حال من ضمير ﴿لنحضرنهم﴾ البارز، أي : لنحضرنهم جاثين، جمع جاث، من جثى إذا قعد على ركبتيه، وأصله :" جثوو " بواوين، فاستثقل اجتماعهما بعد ضمتين، فكسرت الثاء تخفيفًا، وانقلبت الواو الأولى ياء ؛ لانكسار ما قبلها، فاجتمعت واو وياء، وسبقت إحداهما بسكون، فقُلبت الواو ياء، وأدغمت الأولى في الثانية، ومن قرأ بكسر الجيم : فعلى الإتْبَاعِ.


الصفحة التالية
Icon