و ﴿أَيُّهُم﴾ : مبني على الضم عند سيبويه، لأنه موصول، فحقه البناء كسائر الموصولات، لكنه أعرب في بعض التراكيب للزوم الإضافة، فإذا حذف صَدْرُ صِلَتِهِ زاد نقصُه فقوي شبه الحرف فيه، وهو منصوب المحل بلننزعن، وقرئ منصوبًا على الإعراب، ومرفوعًا عند الخليل وغيره بالابتداء، وخبره :﴿أشد﴾، والجملة محكية، والتقدير : لننزعن من كل شيعة الذين يُقال لهم أيهم أشد... الخ. وقال يونس : علق عنها الفعل وارتفعت بالابتداء، و ﴿عتيًّا﴾ و ﴿صليًّا﴾ أصلهما : عتوى وصلوى، من عتى وصلى، بالكسر والفتح، فاعلاً بما تقدم.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ويقول الإِنسانُ﴾ أي : جنس الإنسان، والمراد الكفرة، وإسناد القول إلى الكل لوجود القول فيما بينهم، وإن لم يقله الجميع، كما يقال : بنو فلان قتلوا فلانًا، وإنما القاتل واحد، وقيل : القائل : أُبيُّ بن خَلَف، فإنه أخذ عظامًا بالية، ففتتها، وقال : يزعم محمد أنا نُبعث بعد ما نموت ونصير إلى هذا الحال، فنزلت. أي : يقول بطريق الإنكار والاستبعاد :﴿أئذا ما متُّ لسوف أُخرج حيًّا﴾ أي : أأبعث من الأرض بعد ما مِتُّ وأُخرج حيًا ؟ قال تعالى :﴿أولا يَذكُرُ الإِنسانُ﴾، من الذِّكر الذي يُراد به التفكر، ولذلك قُرئ بالتشديد من التذكير. والإظهارُ في موضع الإضمار ؛ لزيادة التقرير والإشعار بأن الإنسانية من دواعي التفكر فيما جرى عليها من شؤون التكوين، فإذا
٢٤٠
ترك التفكر التحق بالبهائم، فهلاّ يذكر أصله! وهو ﴿أنا خلقناه من قبلُ﴾ أي : من قبل الحالة التي فيها، وهي حالة حياته، ﴿ولم يكُ شيئًا﴾ أي : والحال أنه لم يك شيئًا أصلاً، وحيث خلقناه وهو في تلك الحال فلأن نبعث الجمع بتفرقاته أولى وأظهر ؛ لأن الإعادة أسهل من البدء.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٤٠