﴿ثم لنَنْزِعَنَّ من كل شيعةٍ﴾ أي : من كل أمة تشيعت دينًا من الأديان، ﴿أيُهم أشدُّ على الرحمن عِتيًّا﴾ أي : من كان منهم أعصى وأعتى، فيطرحهم فيها. قال ابن عباس : أي : أيهم أشد جرأة، وقال مجاهد : فجورًا وكذبًا، وقال مقاتل : علوًا، أو غلوًا في الكفر، أو كبرًا، وقال الكلبي : قائدهم ورأسهم، أي : فيبدأ بالأكابر فالأكابر بالعذاب، ثم الذي يليهم جرمًا. وفي ذكر الأشدية تنبيه على أنه تعالى يعفو عن بعض أهل العصيان من غير الكفرة، إذا قلنا بعموم الآية، وأما إذا خصصناها بالكفرة، فالأشدية باعتبار التقديم للعذاب.
قال تعالى :﴿ثم لنَحنُ أعلمُ بالذين هم أولى بها صِليًّا﴾ أي : أولى بصليها وأحق بدخولها، وهم المنتزعون الذين هم أشدهم عتوًا، أو رؤوسهم، فإن عذابهم مضاعف لضلالهم وإضلالهم.
٢٤١
﴿وإِن منكم إِلا وارِدُها﴾، فيه التفات لإظهار مزيد الاعتناء، وقرئ :" وإن منهم ". ويحتمل أن يكون الخطاب لجميع الخلق، أي : وإن منكم أيها الناس ﴿إلا واردها﴾ أي : واصلها وحاضرها، يمرُ بها المؤمنون وهي خامدة، وتنهار بغيرهم. وعن جابر أنه ﷺ سُئل عن ذلك فقال :" إِذَا دَخَلَ أَهْلَ الجَنَّة قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : أَليْسَ قَدْ وعدنَا ربُّنا أَنْ نَرِدَ النَّارَ ؟ فَيُقالُ لَهُمْ : قَدْ وَرَدْتُمُوهَا وَهِيَ خَامِدَةٌ " وأما قوله تعالى :﴿أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ فالمراد به الإبعاد عن عذابها، وقيل : ورودها : الجواز على الصراط بالمرور عليها.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٤٠