﴿ونَرِثُه ما يقولُ﴾، قال مكي : حرف الجر محذوف، أي : نرث منه ما يقول. هـ. والظاهر أن ﴿ما﴾ : بدل من الضمير، وهو الهاء، أي : نرث ما يقول وما يدعيه لنفسه اليوم من المال والولد. وفيه إيذان بأنه ليس لما يقول مصداق موجود سوى القول، أي : ننزع منه ما آتيناه، ﴿ويأتينا﴾ يوم القيامة ﴿فرْدًا﴾ لا يصحبه مال ولا ولد كان له في الدنيا، فضلاً أن يؤتى ثمَّةَ مالاً وولدًا زائدًا. وقال القشيري : فردًا بلا حجة على قوله وقَسَمِه :﴿لأوتين مالاً وولدًا﴾، وذلك منه استهزاء ومحض كفر. والله تعالى أعلم.
الإشارة : يُفهم من الآية أن الإنسان إذا آمن بآيات الله وعمل بما أمره الله يكون له عهد عند الله، فإذا تمنى شيئًا أو منَّاه غيره لا يخيبه الله، ويتفاوت الناس في العهد عند الله، على قدر تفاوتهم في طاعته ومعرفته، وسيأتي في قوله :﴿لاَّ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَـانِ عَهْداً﴾ [مريَم : ٨٧] زيادة بيانه. والله تعالى أعلم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٤٧
يقول الحقّ جلّ جلاله : واتخذ المشركون الأصنام ﴿آلهةً﴾ يعبدونها من دون الله ﴿ليكونوا لهم عِزًّا﴾ يوم القيامة، ووصلة عنده يشفعون لهم، ﴿كلا﴾ لا يكون ذلك أبدًا، فهو ردع لهم عن ذلك الاعتقاد الباطل، وإنكارٌ لوقوع ما علَّقوا به أطماعَهم، ﴿سيكفرون بعبادتهم﴾ أي : تجحد الآلهة عبادتَهم لها، بأن يُنطقهم الله تعالى وتقول ما عبدتمونا، أو : سيكفر الكفرة عبادتهم لها حين شاهدوا سوء عاقبة عبادتهم لها، كقوله :﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعَام : ٢٣]، ﴿ويكونون عليهم ضِدًا﴾ أي : تكون الآلهة،
٢٤٩