وقال الجنيد رضي الله عنه : خلق الله العرش فوق سبع سماوات، وجعله قبلة لدعاء المخلوقات، وقابله بقلب عبده المؤمن، ليكون محلاً للتجليات والتنزلات والمخاطبات. هـ. وقد تقدم الكلام عليها في الأعراف مستوفيًا.
﴿له ما في السماوات وما في الأرضِ﴾، سواء كان ذلك بالجزئية منهما أو بالحلول فيهما، ﴿وما بينهما﴾ من الموجودات الكائنة في الجو دائمًا، كالهواء والسحاب، أو أكثريًا ؛ كالطير، أي : له ذلك وحده دون غيره، لا شركةً ولا استقلالاً، كل ما ذكر هو له ؛ ملكًا وتصرفًا، وإحياء وإماتة، وإيجادًا وإعدامًا، ﴿وما تحت الثرى﴾ : وما وراء التراب المتصل بالهوى السفلى. وعن محمد بن كعب : أنه ما تحت الأرضين السبع. وعن السدي : أن الثرى هو الصخرة التي عليها الأرض السابعة، وذكره مع دخوله تحت
٢٦١
ما في الأرض ؛ لزيادةِ التقرير. ﴿وإِن تجهر بالقول﴾ أي : وإن تجهر بذكره تعالى - أو دعائه -، فاعلم أنه تعالى غني عن جهرك ؛ ﴿فإِنه يعلمُ السرَّ وأخْفَى﴾ أي : ما أسررته إلى غيرك، وشيئًا أخفى من ذلك، وهو ما أخطرته ببالك، من غير أن تتفوه به أصلاً أو :: السر : ما أسررته في نفسك، وأخفى منه : ما ستُسره في المستقبل. وهو إمّا نهي عن الحركة، كقوله تعالى :﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ﴾ [الأعرَاف : ٢٠٥]، وإما إرشاد للعباد إلى أن الجهر ليس لإسماعه تعالى ؛ بل لغرض آخر من تأنيس النفس بالذكر وتثبيته فيها، ومنعها من الاشتغال بغيره، وقطع الوسوسة عنها، وهضمها بالتضرع والجؤار. هذا والغرض من الآية : بيان إحاطة علمه تعالى بجميع الأشياء، إثر بيان سعة سلطانه وشمول قدرته بجميع الكائنات.