ثم بيَّن الموصوف بتلك الكمالات، فقال :﴿الله﴾ أي : ما ذكر من صفات الكمال، موصوفها الله المعبود بالحق، ﴿لا إِله إِلا هو﴾ أي : لا معبود بحق إلا هو، ولا مستحق للعبادة إلا هو. وهو تصريح بما تضمنه ما قبله من اختصاص الألوهية به سبحانه، فإنَّ ما أسند إليه تعالى من خلق جميع الموجودات، ومن الرحمانية والمالكية للكل، والعلم الشامل، يقتضي اختصاصه تعالى بالألوهية والربوبية، وقوله تعالى :﴿له الأسماء الحسنى﴾ بيان لكون ما ذكر من الخالقِية والرحمانية والمالكية والعالِمِية أسماءه تعالى وصفاته، من غير تعدد في ذاته تعالى ؛ فالأسماء والصفات كثيرة، والمسمى والموصوف واحد. و ﴿الحسنى﴾ : تأنيث الأحسن، فُعلى، يُوصف به الواحد المؤنث، والجمع المذكر والمؤنث، كـ ﴿مَآرِبُ أُخْرَىا﴾ [طه : ١٨]، و ﴿آيَاتِنَا الْكُبْرَىا﴾ [طه : ٢٣]. والله تعالى أعلم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٥٩
الإشارة : من تأمل القرآن العظيم، وما جاء به الرسول - عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم - وجده يدل على ما يُفضي إلى الراحة دون التعب، وإلى السعادة العظمى دون الشقاء، لكن لا يتوَصل إلى الراحة إلا بعد التعب، ولا يُفضي العبد إلى السعادة الكبرى إلا بعد الطلب، فإذا اجتهد العبد في طلب ربه، وكله إلى شيخ ينقله من عمل الجوارح إلى عمل القلوب، فإذا وصل العمل إلى القلب استراحت الجوارح، وأفضى حينئذ إلى رَوْح وريحان، وجنة ورضوان، أعني جنة العرفان. ولذلك قال الشيخ أبو الحسن :" ليس شيخك من يدلك على تعبك، إنما شيخك من يريحك من تعبك "، كما في لطائف المنن.