وقال شيخنا القطب ابن مشيش : وقد سُئل عن قوله ﷺ :" يَسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا " فقال : دلوهم على الله، ولا تدلوهم على غيره، فإن من دَلَّك على الدنيا فقد غشك، ومن دلَّك على العمل فقد أتعبك، ومن دلَّك على الله فقد نصحك. هـ. فإذا دلك على الله غَيَّبك عن وجود نفسك بشهود ربك، وهي السعادة العظمى، كما تقدم في سورة
٢٦٢
هود. فمن اتخذ شيخًا ثم لم ينقله من مقام التعب، ولم يُرحله من مقام إلى مقام، فاعلم أنه غير صالح للتربية.
وقوله تعالى :﴿إِلا تذكرة لمن يخشى﴾، قال شيخ شيوخنا سيدي عبد الرحمن العارف : قيل : أنزل اللهُ القرآنَ لتذكير سابق الوصال ؛ لأن الأرواح لمّا دخلت الأشباح اكتسبت خشية ووحشة وفرقة عن معادنها، فأنزل الله القرآن تأنيسًا ؛ لأن المحب يأنس بكتاب حبيبه وكلامه. وقال جعفر الصادق : أنزل اللهُ القرآنَ موعظةً للخائفين، ورحمة للمؤمنين، وأنسًا للمحبين. وايضًا : القرآن يُذَكّر عظمة الله الموجبة خشيته، فهو مُذهب للغفلة. ثم قال : وفي الشهود الحاصل بالتذكير رفعُ المشقة، ووجدان الراحة بالطاعة، لكونه يصير محمولاً، وقد قال :﴿وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِيا﴾ [طه : ١٤]، أي : لشهودي فيها، وفي ذلك قرة عين، وراحةً، وأنس، وتشابه حال المصلي بحال موسى، بجامع النجوى، فلذلك ذكر في سياقه. والله أعلم. هـ.


الصفحة التالية
Icon