إثبات الحجة بصحة الرسالة، لا تَعدد الآية، وكذلك قوله تعالى :﴿قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ [آل عِمرَان : ٤٩]، ﴿أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيءٍ مُّبِينٍ﴾ [الشُّعَرَاء : ٣٠]، وأما قوله تعالى :﴿فَأْتِ بِهَآ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الأعرَاف : ١٠٦] ؛ فالظاهر أن المراد بها آية من الآيات.
ثم قال له :﴿والسلامُ على مَن اتبعَ الهُدى﴾ أي : وسلام الله وملائكته والمؤمنين المقتضي سلامة الدارين، على من اتبع الهدى، بتصديق آيات الله تعالى الهادية إلى الحق، دون من اتبع الغي والهوى، وفيه من الترغيب، في اتباعها على ألطف وجه، ما لا يخفى. ﴿إِنا قد أُوحي إِلينا﴾ من جهة ربنا، ﴿أنَّ العذابَ﴾ الدنيوي والأخروي ﴿على مَن كذَّب﴾ بآيات الله ﴿وتولى﴾ أي : أعرض عن قبولها، وفيه من التلطف في الوعيد حيث لم يصرح بحلول العذاب به ما لا مزيد عليه. والله تعالى أعلم.
الإشارة : ينبغي لأهل العلم ولأهل الوعظ والتذكير أن يتعاونوا على نشر العلم ووعظ العباد، ويتوجهوا إليهم في أقطار البلاد، فإن ذلك فرض كفاية على أهل العلم، ولا يشغلهم نشر العلم عن ذكر الله، ولا تذكير العباد عن شهود الله، كما قال الله تعالى :﴿ولا تنيا في ذكري﴾ أي : ولا تغفلا عن شهودي وقت إرشاد عبادي، فإن توجهوا إلى الجبابرة والفراعنة فليلينوا لهم المقال، وليدعوهم إلى أسهل الخلال، فإن ذلك أدعى إلى الامتثال، خلافًا لمن قال هذه ملة موسوية، وأما الملة المحمدية فقال تعالى فيها :﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف : ٢٩] ؛ فإنَّ بيان الحق لا ينافي أن يكون بملاطفة وإحسان، فإن خاف الواعظ من صولة المتجبر فإن الله معه، يحفظه ويرعاه، ويسمعه ويراه، فإن لم يسمع لقوله ولم يتعظ لوعظه، فقد بلغ ما عليه، وليقل بلسان الحال أو المقال :(والسلام على من اتبع الهدى). وبالله التوفيق.


الصفحة التالية
Icon