وأبعد منه : من عَدّ في الآيات ما جُعِل لإهلاكهم، لا لإرشادهم إلى الإيمان ؛ من فلق البحر، وما ظهر بعد مهلكه من الآيات الظاهرة لبني إسرائيل ؛ من نتق الجبل والحجر، وغير ذلك، وكذلك من عَدّ منها الآيات الظاهرة على يد الأنبياء - عليهم السلام - ؛ حيث حكاها موسى عليه السلام لفرعون، بناء على أن حكايته إياها له في حكم إظهارها بين يديه ؛ لاستحالة الكذب عليه، فإنَّ حكايته إياها لفرعون مما لم يجر ذكره هنا، فكل هذا بعيد من سياق النظم الكريم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٨٣
قال تعالى :﴿فَكَذَّبَ﴾ فرعونُ موسى، ﴿وأَبَى﴾ الإيمان والطاعة، مع ما شاهد على يده من الشواهد الناطقة بصدقه. جحودًا وعنادًا ؛ لعتوه واستكباره، وقيل : كذَّب بالآيات جميعًا، وأبَى أن يقبل شيئًا منها. ﴿قال أجئتنا لتُخْرِجَنا من أرضنا بسحرك يا موسى﴾، هذا استئناف مُبين لكيفية تكذيبه وإبائه. والمجيء إما على حقيقته، أو بمعنى الإقبال على الأمر والتصدي له، أي : أجئتنا من مكانك الذي كنتَ فيه ترعى الغنم ؛ لتُخرجنا من أرضنا ؟ أو : أقبلت إلينا ؛ لتُخرجنا من مصر ؛ بما أظهرت لنا من السحر، فإن ذلك مما لا يصدر عن عاقل ؛ لكونه من باب محاولة المحال، وإنما قاله ؛ تحريضًا لقومه على مقت موسى والبعد عنه، بإظهار أن مراده عليه السلام إخراج القبط من وطنهم، وحيازة أموالهم،
٢٨٤