قلت :﴿إن هذان لساحران﴾ : مَنْ خَفَّفَ ﴿إن﴾ : جعلها نافية، أو مخففة، واللام فارقة. ومَنْ ثَقَّلها وقرأها :﴿هذان﴾ ؛ بالألف، فقيل : على لغة بلحارث بن كعب وخثعم وكنانة، فإنهم يَلْزَمُونَ الألف ؛ رفعًا ونصبًا وجرًا، ويُعرِبُونَها تقديرًا، وقيل : اسمها : ضمير الشأن، أي : إنه الأمر والشأن هاذان لهما ساحران. وقيل :" إن " بمعنى " نعم "، لا تعمل، وما بعدها : جملة من مبتدأ وخبر. وقالت عائشة - رضي الله عنها - : إنه خطأ من الكُتاب، مثل قوله :﴿وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ﴾ [النِّساء : ١٦٢]، ﴿وَالصَّابِئُونَ﴾ [المائدة : ٦٩]، في المائدة، ويرده تواتر القراءة.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿فتولَّى فرعونُ﴾ أي : انصرف عن المجلس، ورجع إلى وطنه، ﴿فجمعَ كيده﴾ أي : حِيلَه وسَحرته ؛ ليكيد به موسى عليه السلام، ﴿ثم أتى﴾ الموعد، ومعه ما جمعه من كيده وسحرته، وسيأتي عددهم.
﴿قال لهم موسى﴾، حيث اجتمعوا من طريق النصيحة :﴿ويلَكُم﴾ أي : ألزمَكم اللهُ الويل، إن افتريتم على الله الكذب، ﴿لا تفتروا على الله كذبًا﴾ بإشراك أحد معه، كما تعتقدون في فرعون، أو بأن تحيلوا الباطل حقًا، ﴿فَيُسْحِتَكم﴾ أي : يستأصلكم، بسببه، ﴿بعذابٍ﴾ لا يُقَادَر قدره، وقرئ رباعيًا وثلاثيًا، يقال : سحت وأسحت. فالثلاثي : لغة أهل الحجاز، والرباعي : لغة بني تميم ونجد. ﴿وقد خاب﴾ وخسر ﴿مَن افترى﴾ على الله، كائنًا من كان، بأي وجه كان، فيدخل الافتراء المنهي عنه دخولاً أوليًا، أو : قد خاب فرعون المفتري على الله، فلا تكونوا مثله في الخيبة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٨٥


الصفحة التالية
Icon