وقوله تعالى :﴿ولكِنَّا حُمِّلْنَا أوزارًا من زينةِ القوم﴾، استدراك عما سبق، واعتذار ببيان منشأ الخطأ، أي : حملنا أحمالاً من حُليّ القبط، التي استعرناها منهم، حين هممنا بالخروج من مصر باسم العرس. وقيل : كانوا استعاروها لعيد كان لهم، ثم لم يردوها إليهم، مخافة أن يقفوا على أمرهم. وقيل : لما رمى البحر أجساد القبط، وكان غالب ثيابهم الذهب والفضة، التقطها بنو إسرائيل، فهي زينة القوم التي صيغ منها العجل، ولعل تسميتها أوزارًا ؛ لأنها تبعات وآثام، حيث لم تحل الغنائم لهم.
﴿فقذفناها﴾ أي : في النار رجاء الخلاص من عقوبتها، أو قذفناها إلى السامري وألقاها في النار، ﴿فكذلك ألقى السامريُّ﴾ ما كان معه منها كما ألقيناه، أو ألقى ما كان معه من تراب حافر فَرس جبريل، كان قد صرَّه في عمامته، وكان ألقى إليه الشيطان : أنه ما خالط شيئًا إلا حيى، فألقاه في فمه فصار يخور. رُوِيَ : أنه قال لهم : إنما تأخر موسى عنكم، لما معكم من الأوزار، فالرأي أن نحفر حفرة ويُسجر فيها نار، ونقذف فيها كل ما معنا، ففعلوا، ﴿فأخرج لهم﴾ من ذلك الحليّ المذاب ﴿عِجْلاً﴾ أي : صورة عجل ﴿جَسدًا﴾ أي : جثة ذات لحم ودم، أو جسدًا من ذهب لا روح فيه، ﴿له خُوار﴾ أي : صوت عِجْل، ﴿فقالوا﴾ أي : السامري ومن افتتن به :﴿هذا إِلهكم وإِله موسى فَنَسِيَ﴾ أي : غفل عنه وذهب يطلبه في الطور. فقوله تعالى :﴿فَأخْرجَ لهم...﴾ الخ... هو من كلام الله تعالى، حكاية لنتيجة فتنة السامري، قولاً وفعلاً، قصدًا إلى زيادة تقريرها، وتمهيدًا للإنكار عليهم، وليس من كلام المعتذرين، وإلا لقال : فَأَخْرجَ لنا... والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon