ثم قال له الله :﴿وإِنَّ لك موعدًا﴾ أي : في الآخرة، ﴿لن تُخْلَفه﴾ أي : لن يُخلفك الله ذلك الوعد، بل يُنجزه لك أَلبتةَ، بعد ما عاقبك في الدنيا. أو لن تجاوزه ولن تخطئه، بل لا بد لك من ملاقاته. ﴿وانظر إِلى إِلهك﴾ العجل، ﴿الذي ظَلْتَ عليه عاكفًا﴾ ؛ مقيمًا على عبادته، ﴿لنُحَرِّقنه﴾ أي : والله لنحرقنه بالنار، وقيل بالمبْرد، مبالغةً في الحرق، ويعضده قراءة :" لنحْرُقنه "، ﴿ثم لنَنْسِفَنَّه﴾ أي : لنذرينه بالريح ﴿في اليمِّ﴾ ؛ في البحر، رمادًا، أو مبرودًا كأنه هباء، ﴿نَسْفًا﴾ بحيث لا يبقى منه عين ولا أثر، وقد فعل عليه السلام ذلك كله حينئذ، كما يشهد بذلك الأمرُ بالنظر، وإنما لم يصرح به ؛ تنبيهًا على كمال ظهوره، واستحالة الخلف في وعده المؤكد باليمين.
٣٠٣
ثم نبَّه على الحق فقال :﴿إِنما إِلهُكم الله﴾ أي : إنما معبودكم المستحق للعبادة هو الله. والجملة : استئنافية مسوقة لتحقيق الحق، إثر إبطال الباطل، بتلوين الخطاب وتوجيهه إلى الكل، ثم وصفه بقوله :﴿الذي لا إِله إِلا هو﴾ وحده، من غير أن يُشاركه في الألوهية شيء من الأشياء، ﴿وَسِعَ كل شيءٍ علمًا﴾ أي : وسع علمه كل ما من شأنه أن يُعلم. وجملة :﴿وسع﴾ : بدل من الصلة، أي : إنما إلهكم : الذي وسع كل شيء علمًا لا غيره كائنًا ما كان، فيدخل فيه العجل دخولاً أوليًا. وهذا ختم كلام موسى عليه السلام، بتقرير أمر التوحيد، كما كان افتتاح الوحي إليه به بقوله :﴿إِنني أنا الله لا إِله إِلا أنا﴾. والله تعالى أعلم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٠٢


الصفحة التالية
Icon