يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وقد آتيناك﴾ يا محمد ﴿من لَّدُنا﴾ ؛ خصوص عنديتنا ﴿ذِكْرًا﴾ عظيمًا وقرآنا كريمًا، جامعًا لكل كمال، مُخبرًا بعجائب القصص والأمثال. ﴿مَنْ أعْرَضَ عنه﴾ أي : عن ذلك الذِكْر العظيم الشأن، المستتبع لسعادة الدارين، بأن لم يؤمن
٣٠٥
به، ﴿فإِنه يحملُ يومَ القيامة وِزْرًا﴾ أي : عقوبة ثقيلة فادحة على كفره وسائر ذنوبه. وتسميتها وزرًا لتشبيهها في ثقلها على المعاقَب، وصعوبة احتمالها، بالحمل الذي يُثقل الحامل ويُنقِضُ ظهره، وقيل : يُجسّم، ويُجعل على ظهره في طريق الحشر، والأول أنسب لقوله :﴿خالدين فيه﴾ أي : في ذلك الوزر، وهو العذاب، أو في ذلك الحمل الثقيل ؛ لاستمراره فيه بعد دخول النار، ﴿وساء لهم يوم القيامة حِمْلاً﴾ أي : بئس حملهم هذا يوم القيامة، وإعادة يوم القيامة ؛ لزيادة التهويل.
﴿
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٠٤
يوم يُنفخُ في الصُّور﴾
أي : ذلك اليوم هو يوم يُنفخ في الصور، أو : اذكر يوم ينفخ في الصور نفخة البعث، ﴿ونَحشُر المجرمين﴾ أي : المشركين ﴿يومئذٍ﴾ أي : يوم ينفخ في الصور، وأعاده، تهويلاً، حَال كونهم ﴿زُرقًا﴾ أي : زُرق العُيون. وإنما جُعلوا كذلك ؛ لأن الزرقة أسوأ ألوان العين وأبغضها إلى العرب، وكانت تتشاءم بزرقة العين، كما قال الشاعر :
لَقَدْ زَرِقَتْ عَيْنَاكَ يا ابنْ مُكَعْبَرٍ أَلاَ كُلُّ ضَبِّيِّ مِنَ اللؤْم أزرقُ
وقيل زرقًا، أي : عُميًا ؛ لأن حدقة العين تزرق من شدة العمى. وقيل : عِطاشًا ؛ لأن سواد العين يتغير من شدة العطش ويرزق.


الصفحة التالية
Icon