﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىا ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُوااْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىا فَقُلْنَا ياآدَمُ إِنَّ هَـاذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىا إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىا وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَىا فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ ياآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىا شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىا فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ...﴾
قلت : يقال : عهد إليه الملك، وأوعد إليه، وتقدم إليه : إذا أمره ووصاه.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿و﴾ الله ﴿لقد عَهدنا﴾ وتقدمنا ﴿إِلى آدم﴾ من غرور الشيطان وعداوته، ووصيناه ألا يغتر به، ﴿فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك﴾، فلا تغتر بنصحه ﴿فَنَسِيَ﴾ ذلك العهد ولم يحتفل به، حتى غفل عنه، واغتر بإظهار نصحه، حتى أكل من الشجرة، متأولاً أن النهي للتنزيه، أو عن عين الشجرة، لا عن جنسها، فأكل من غيرها، ﴿ولم نَجِدْ له عَزْمًا﴾ أي : ثبات قدم، وحزمًا في الأمور، إذ لو كان كذلك لما غرّه الشيطان بوسوسته، وقد كان ذلك منه عليه السلام في بدء أمره، قبل أن يجرب الأمور ؛ ويتولى حارها وقارها، ويذوق شرِّيها وأريها. وعن النبي ﷺ :" لو وُزنت أحلام بني آدم - أي : عقولهم - بحلم آدم، لرجح حلمه " وقيل :﴿ولم نجد له عزمًا﴾ على الذنب، فإنه أخطأ، أو تأول، ولم يتعمد، وأما قوله :﴿وعصى…﴾ ؛ فلعلو شأنه وقُربه عُد عصيانًا في حقه، " حسنات الأبرار سيئات المقربين ".
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣١١


الصفحة التالية
Icon