الإشارة : ولقد عهدنا إلى آدم ألا ينسانا، وألا يغيب عن شهودنا بمُتْعَةِ جنتنا، فنسي شهودنا، ومال إلى زخارف جنتنا، فأنزلناه إلى أرض العبودية، حتى يتطهر من البقايا، وتكمل فيه المزايا، فحينئذ نُسكنه في جوارنا، ونكشف له عن حضرة جمالنا، على سبيل الخلود في دارنا.
قال جعفر الصادق : عهدنا إلى آدم ألا ينسانا، فنسي واشتغل بالجنة، فابتلى بارتكاب النهي، وذلك أنه ألهاه النعيم عن المنعم، فوقع من النعمة في البلية، فأُخرج من
٣١٣
النعيم والجنة ؛ ليعلم أن النعيم هو مجاورة المنعم، لا الالتذاذ بالأكل والشرب. فلا ينبغي لأحد أن ينظر إلى ما سواه، نسأل الله تعالى أن يمدنا وإياك بالتوفيق والعناية. هـ. قال بعض الحكماء : إنما نسي آدم العهد ؛ لأنه لما خلقت له زوجته أوقع الله في قلبه الأنس بها، وابتلاه بشهوات النفس فيها، فرأى في وجهها شجرة الحسن بادية، وشهوة الوقاع عليه غالبة. هـ. أي : فترك النظر إلى جمال المعاني، واشتغل بحس الأواني، فأفضى به إلى ترك الأدب، ولزمه التعب، فليحذر المريد جهده من الميل إلى الحظوظ، وليكن على حذر من الغفلة حين تناولها، والعصمةُ من الله.


الصفحة التالية
Icon