يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وعصى آدمُ ربَّه﴾ بما ذكر من أكل الشجرة ﴿فَغَوى﴾ أي : ضل عن مطلوبه، الذي هو الخلود، بل ترتب عليه نقيضه، فكان تأميل ذلك باطلاً فاسدًا ؛ لأنه خلاف القدر، أو عن الرشد، حيث اغتر بقول العدو. وقال الكواشي : فعل فعلاً لم يكن له فعله، أو أخطأ طريق الحق، حيث طلب الخلد بأكل المنهي عنه، فخاب ولم ينل مراده. هـ. وفي وصفه عليه السلام بالعصيان والغواية، مع صغر زلته، تعظيم لها، وزجر بليغ لأولاده عن أمثالها.
﴿ثم اجتباه ربُّه﴾ أي : اصطفاه وقرّبه إليه، بالحمل على التوبة والتوفيق لها. وفي التعرض لعنوان الربوبية، مع الإضافة إلى ضميره، مزيد تشريف له عليه السلام، يعني : آدم. ﴿فتاب عليه﴾ أي : قَبِلَ توبته حين تاب هو وزوجته، قائلين :﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا﴾ [الأعرَاف : ٢٣] الآية. ﴿وهَدَى﴾ أي : هداه إلى الثبات على التوبة والتمسك بأسباب العصمة. وإفراد آدم عليه السلام بقبول توبته واجتبائه ؛ لأصالته في الأمور، واستلزام قبول توبته لقبول توبتها. ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَآءِ﴾ [النِّساء : ٣٤].
٣١٥


الصفحة التالية
Icon