الإشارة : ثبوت الخصوصية لا ينافي وصفَ البشرية، فنسبة أهل الخصوصية من البشر كاليواقيت بين الحجر. ولا فرق بين خصوصية النبوة والولاية في الاتصاف بأوصاف البشرية، التي لا تُؤدي إلى نقص في مراتبهم العلية. وتتميز خصوصية النبوة من الولاية بوحي الأحكام، وتتميز خصوصية الولاية من العمومية بالتطهير من الرذائل والتحلي بالفضائل، وبالغيبة عن رؤية الأكوان، بإشراق شمس العرفان، وذلك بالفناء عن الأثر بشهود المؤثِر، ثم بالبقاء بشهود الأثر ؛ حكمةً، مع الغيبة عنه، قدرةً، ولا يعرف هذا إلا أهل الذكر الحقيقي، فلا يعرف مقام الأولياء إلا من دخل معهم، ولا يُسأل عنهم إلا أمثالُهم ؛ ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [النحل : ٤٣]. فلا يشترط في الولي استغناؤه عن الطعام والشراب ؛ إذ لم يكن للأنبياء، فكيف بالأولياء ؟ ولا استغناؤه عن النساء، قال تعالى :﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً﴾ [الرّعد : ٣٨]، نعم ؛ صاحب الخصوصية مالك لنفسه من غلبة الشهوة عليه، ينزل إلى أرض الحظوظ بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين. جعلنا الله منهم بمنِّه وكرمه. وتقدم الكلام على قوله تعالى :﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ﴾ في سورة النحل. وبالله التوفيق.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٢٩
قلت :﴿كم﴾ : خبرية مفيدة للتكثير، ومحلها نصب، مفعول بقصمنا، و ﴿من قرية﴾ : تمييز، و ﴿كانت...﴾ الخ : صفة لقرية.


الصفحة التالية
Icon