يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وله من في السماوات والأرض﴾ أي له جميع المخلوقات، خلقًا ومِلكًا، وتدبيرًا وتصرفًا، وإحياء وإِماتة، وتعذيبًا وإثابة، من غير أن يكون لأحد في ذلك دخل، لا استقلالاً ولا استتباعًا، ولا فرق بين أهل العالم العلوي والسفلي، ﴿ومَنْ عنده﴾ وهم الملائكة - عليهم السلام - عبَّر عنهم بذلك إثر ما عبَّر عنهم بمن في السماوات ؛ تنزيلاً لهم - لكرامتهم عليه، وزلفاهم عنده - منزلة المقربين عند الملك، وهو مبتدأ وخبره :﴿لا يستكبرون عن عبادته﴾ أي : لا يتعاظمون عنها، ولا يَعُدون أنفسهم كبراء، ﴿ولا يستحسرون﴾ أي : لا يكِلُّون ولا يَعْيون، ﴿يُسبِّحُون الليلَ والنهار﴾ أي : ينزهونه في جميع الأوقات، ويُعظمونه ويمجدونه دائمًا. وهو استئناف
٣٣٥
بياني، كأنه قيل : ماذا يصنعون في عبادتهم، أو كيف يعبدون ؟ فقال : يُسبحون.. الخ. ﴿لا يَفْتَرُون﴾ أي : لا يتخلل تسبيحَهم فترة أصلاً، ولا شغل آخر.