ثم أبطل الاشتراك في الألوهية، فقال :﴿لو كان فيهما آلهةً إِلا الله﴾ أي : لو كان في السماوات والأرض آلهة غير الله، كما هو اعتقادهم الباطل، ﴿لفسدَتَا﴾ أي : لفسد نظامهما بما فيهما، لوجود التمانع، كعادة الملوك، أو لبطلتا بما فيهما، ولم يوجد شيء منهما ؛ للزوم العجز لهما، بيان ذلك : أن الألوهية مستلزمة للقدرة على الاسْتِبْدَادِ بالتصرف فيهما على الإطلاق، تغييرًا وبديلاً، وإيجادًا وإعدامًا، وإحياء وإماتة، فبقاؤهما على ما هما عليه من غير فساد، إما بتأثير كل منها، وهو محال ؛ لاستحالة وقوع الأثر الواحد بين مؤثرين، وإما بتأثير واحد منها، فالباقي بمعزل عن الإلهية، والمسألة مقررة في علم الكلام. و ﴿إلا﴾ : صفة لآلهة، كما يُوصف بغير، ولمَّا كانت حرفًا، ظهر إعرابها في اسم الجلالة، ولا يصح رفعه على البدل ؛ لعدم وجود النفي. ثم قال تعالى :﴿فسبحان الله﴾ أي : فسبحوا سُبحان الله اللائق به، وننزهوه عما لا يليق به من الأمور، التي من جملتها : أن يكون له شريك في الألوهية. وإيراد الجلالة في موضع الإضمار، حيث لم يقل فسبحانه ؛ للإشعار بعلية الحكم، فإنَّ الألوهية مناط لجميع صفات كماله، التي من جملتها : تنزهه تعالى عما لا يليق به، ولتربية المهابة وإدخال الروعة. ثم وصفه بقوله :﴿ربِّ العرش﴾، وخصه بالذكر، مع كونه رب كل شيء ؛ لعظم شأنه ؛ لأنَّ الأكوان في جوفه كلا شيء، أي : تنزيهًا له عما يصفونه عن أن يكون من دونه آلهة.
٣٣٦


الصفحة التالية
Icon