﴿يعلمُ ما بين أيديهم وما خلْفَهم﴾ أي : ما عملوا وما هم عاملون، وقيل : ما كان قبل خلقهم وما يكون بعد خلقهم. وهو تقرير لتحقق عبوديتهم ؛ لأنهم إذا كانوا مقهورين تحت علمه تعالى وإحاطته انتفت عنهم أوصاف الربوبية المكتَسبَة من مجانسة البنوة، ﴿ولا يشفعون إِلا لمن ارتضى﴾ أن يشفع له، مهابة منه تعالى. قال ابن عباس :" هم أهل لا إله إلا الله "، ﴿وهم من خشيته﴾ عزّ وجلّ ﴿مشفقون﴾ : خائفون مرتعدون. قال بعضهم : أصل الخشية : الخوف مع التعظيم، ولذلك خص بها العلماء، وأصل الإشفاق : الخوف مع الاعتناء، فعند تعديته بمن : يكون معنى الخوف فيه أظهر، وعند تعديته بعلى : ينعكس الأمر ؛ فيكون معنى الإشفاق فيه أظهر.
﴿
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٣٩
ومن يَقُلْ منهم﴾ أي : من الملائكة ؛ إذ الكلام فيهم، ﴿إِني إِلهٌ من دونه﴾ أي : متجاوزًا إياه تعالى، ﴿فذلك﴾ الذي فرض أنه قال ذلك فرض المحال، ﴿نَجْزِيه جهنم﴾ كسائر المجرمين، ولا ينفي هذا عنهم ما ذكر قبلُ من صفاتهم السنية وأفعالهم المرضية ؛
٣٣٩