إليه، وحبه له، وعدم صبره عنه، وانتفاعه به، ويدخل في ذلك : النبات ؛ مجازًا دون الملائكة، فأَلْ فيه للحقيقة والماهية، إلا أنه صرفه عن ذلك إلى العهد الذهني قرينةُ الجعل، كما في آية :﴿فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ﴾ [يُوسُف : ١٧]، فإن القرينة تخلص ذلك للبعضية وإرادة الأشخاص. وقيل المراد به : المَنِيُّ. فأَلْ فيه، حينئذ، للعهد الذهني فقط. قال القشيري : كُلُّ مخلوقٍ حيٍّ فَمِنَ الماء خَلْقُه، فإنَّ أصلَ الحيوان الذي يحصل بالتناسل النطفةُ، وهي من جملة الماء. هـ. وتقدم أن الملائكة لا تناسل فيها. ﴿أفلا يؤمنون﴾ بالله وحده، وهو إنكار لعدم إيمانهم، مع ظهور ما يُوجبه حتمًا من الآيات الآفاقية والأنفُسية، الدالة على تفرده تعالى بالألوهية. ﴿وجعلنا في الأرض رواسِيَ﴾ أي : جبالاً ثوابت، من رسا الشيءُ ؛ إذا ثبت ورسخ، ﴿أن تميد بهم﴾ أي : كراهية أن تتحرك وتضطرب بهم، أو لئلا تميد بهم - بحذف اللام -، و " لا " ؛ لعدم الإلباس. ﴿وجعلنا فيها﴾ أي : في الأرض، وتكرير الجعل ؛ لاختلاف المجعولين، ولتوفية مقام الامتنان حقه، أو في الرواسي ؛ لأنها المحتاجة إلى الطرق، ﴿فِجاجًا﴾ : جمع فج، وهو الطريق الواسع، نفذ أم لا، أي : جعلنا في الأرض مسالك واسعة، و ﴿سُبُلاً﴾ نافذة : فالسبل هي الفجاج مع قيد النفوذ. فإن قيل : أيّ فرق بين هذا وبين قوله :﴿لِّتَسْلُكُواْ مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً﴾ [نُوح : ٢٠] ؟ فالجواب : أنه هُنا بيَّن أنه خلقها على هذه الصفة، وهناك بيَّن أنه جعل فيها طُرقًا واسعة، وليس فيه بيان أنه خلقها كذلك، فما هنا تفسير لما هناك. انظر النسفي.


الصفحة التالية
Icon