وجعلنا السماء، أي : سماء القلوب الصافية، سقفًا محفوظًا من الخواطر والوساوس والشكوك والأوهام والشياطين، قال بعضهم :" إذا كان الحق تعالى قد حفظ السماء بالشهب من الشياطين، فقلوب أوليائه أولى بالحفظ). وهم عن آياتها، أي : عن دلائل حفظها وصيانتها معرضون ؛ لانهماكهم في الغفلة. وهو الذي خلق ليل القبض ونهار البسط وشمس العرفان وقمر توحيد الدليل والبرهان، كلٌّ في موضعه، لا يتعدى أحد على صاحبه، ولكل واحد سير معلوم وأدب محتوم. وبالله التوفيق.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٤١
ولمّا قامت الحجة على الكفرة بما ذكرَ من الآيات والدلائل القاطعة، وانقطعوا، قالوا : ننتظر به ريب المنون، فنستريح منه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٤١
٣٤٣
يقول الحقّ جلّ جلاله : لنبيه - عليه الصلاة والسلام - :﴿وما جعلنا لبشرٍ من قبلكَ الخُلدَ﴾ أي : البقاء الدائم ؛ لكونه مخالفًا للحكمة التكوينية والتشريعية، ﴿أَفإِن مِّتَّ﴾ بمقتضى حكمتنا ﴿فهُم الخالدون﴾ بعدك ؟ نزلت حين قالوا : نتربص به رب المنون، فنفى عنه الشماتة بموته، فإن الشماتة بالموت مما لا ينبغي أن يصدر من عاقل، أي : قضى الله ألا يخلد في الدنيا بشرًا، فإن مِّتَّ - يا محمد - أيبقى هؤلاء الكفرة ؟ كلا ؛ ﴿كلُّ نَفْسٍ ذائقةُ الموت﴾ أي : ذائقة مرارة مفارقتها جسدها، فتستوي أنت وهم فيها، فلا تتصور الشماتة بأمر عام.


الصفحة التالية
Icon