فالغيبة عن وجود العبد فناء، والرجوع إليه لوظائف العبودية بقاء، وإليه الإشارة بقوله تعالى :﴿إلا كبيرًا لهم لعلهم إليه يَرجعون﴾ أي : إلا كبير الأصنام، وهو وجودك الوهمي، فلا ينبغي الغيبة عنه بالكلية حتى يترك وظائف العبودية والقيام بحقوق البشرية، فإنَّ هذا اصطلام، بل ينبغي ملاحظته، لعله يقع الرجوع إليه في مقام البقاء، والله تعالى أعلم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٥٥
٣٥٨
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿قالوا حرِّقوه﴾ أي : قال بعضهم لبعض، لَمَّا عجزوا عن المحاججة، وضاقت عليهم الحيل، وعييت بهم العلل، وهذا دَيْدنُ المبطل المحجوج، إذا قُرعَت شبهه بالحجة القاطعة وافتضح، لم يبق له حينئذ إلا المناصبة والمعاداة، فناصبوا إبراهيم عليه السلام، وقالوا حرِّقوه بالنار ؛ لأنه أشد العقوبات، ﴿وانصُروا آلهتكم﴾ بالانتقام لها ﴿إن كنتم فاعلين﴾ للنصر، أي : إن كنتم ناصرين آلهتكم نصرًا مؤزرًا، فاختاروا له أهول المعاقبات، وهو الإحراق، وإلاَّ فقد فرطتم في نصرتها، والذي أشار بالإحراق نمرود، أو رجل من أكراد فارس، اسمه " هيزن "، وقيل :" هدير "، خسفت به الأرض، فهو يتجلجل إلى يوم القيامة.


الصفحة التالية
Icon