قال ابن عباس : لو لم يقل ﴿وسلامًا﴾ لمات إبراهيم من بردها، ولم تبق يومئذ نار إلا طفئت، ظنت أن الخطاب توجه لها، فما انتفع أحد من أهل الأرض يومئذ بنار، ولم تبق دابة إلا أتت تطفئ عنه النار، إلا الوزغ. فلذلك أمر نبيُنا صلى الله عليه وسلم. بقتلها، وسماها فويسقا. قال السدي : فأخذت الملائكة بضَبْعَي إبراهيم وأقعدوه على الأرض، فإذا عين ماء عذب وورد أحمر ونرجس. قال كعب : ما أحرقت النار من إبراهيم إلا وثاقه. ورُوي أنه عليه السلام مكث فيها سبعة أيام، وقيل : أربعين، وقيل : خمسين، والأول أقرب.
٣٥٩
قال إبراهيم عليه السلام : ما كنتُ أيامًا قط أنعم مني من الأيام التي كنتُ فيها. قال ابن بسار : وبعث الله تعالى ملك الظل فقعد إلى جنبه يُؤنسه، قالوا : وبعث الله بقميص من حرير الجنة. قلت : وقد تقدم ذكره في سورة يوسف. وأتاه جبريل فقال : إن ربك يقول : أما علمت أن النار لا تضر أحبائي. فنظر نمرود من صرحه، فأشرف عليه، فرآه جالسًا في روضة مونقة، ومعه جليسٌ على أحسن ما يكون من الهيئة، والنار محيطة به، فنادى : يا إبراهيم هل تستطيع أن تخرج منها ؟ قال : نعم، قال : فاخرج، فقام يمشي فخرج منها، فاستقبله نمرود وعظَّمه. وقال : من الرجل الذي رأيتُه معك ؟ قال ذلك ملك الظل، أرسله ربي ليؤنسني، فقال : إني مُقرب إلى إلهك قربَانًا لِمَا رأيته من قدرته وعزته فيما صنع بك. فقال عليه السلام : لا يقبل الله منك ما دُمتَ على دينك هذا، حتى تفارقه إلى ديني، قال : لا استطيع ترك ملكي، ولكن سأذبح له أربعة آلاف بقرة، فذبحها، وكف عن إبراهيم عليه السلام.


الصفحة التالية
Icon