قال ابن إسحاق : خرج إبراهيم من كُوثى من أرض العراق، وخرج معه لوط وسارة، فنزل حَرّان، ثم خرج منها إلى مصر، ثم خرج منها إلى الشام، فنزل السَّبُعَ من أرض فلسطين بزوجه سارة، بنت عمه هاران الأكبر، ونزل لوط عليه السلام بالمؤتفكة، وبينهما مسيرة يوم وليلة، وكلاهما من الشام.
٣٦١
﴿ووهبنا له إسحاق ويعقوبَ نافلةً﴾ أي : وهبنا له إسحاق ولدًا من صلبه، وزاد يعقوب، ولد ولده، نافلة ؛ لأنه سأل ولدًا بقوله :﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينِ﴾ [الصَّافات : ١٠٠] فأُعطيه، وأُعطى يعقوب نافلة، زائدًا على ما سأل ؛ لأنه أعطى من غير سؤال، فكأنه تبرعًا. قال ابن جزي : واختار بعضهم - على هذا - الوقف على " إسحاق " لبيان المعنى، وهذا ضعيف ؛ لأنه معطوفٌ على كل قول. هـ. وقيل :﴿نافلة﴾ يرجع لهما معًا، أي : أعطيناه ولدًا وولد ولد، عطيةً، فيكون حالاً منهما معًا، قيل : هو مصدر، كالعاقبة من غير لفظ الفعل، الذي هو ﴿وهبنا﴾ وقيل : اسم، ﴿وكُلاًّ﴾ أي : كل واحد من هؤلاء الأربعة، ﴿جعلنا صالحين﴾ ؛ بأن وفقناهم لصلاح الظاهر والباطن، حتى استحقوا الخصوصية. والله تعالى أعلم.
الإشارة : الهجرة سُنَّة من سُنن الأنبياء والأولياء، فكل من لم يجد في بلده من يعينُه على دينه، يجب عليه الانتقال إلى بلدٍ يجد فيها ذلك. وكذلك المريد إذا لم يجد قلبه في محل ؛ لكثرة عوائده وشواغله بحيث يشوش عليه قلبه فلينتقل إلى بلد تقل فيها العلائق والشواغل، إن وجد فيها من يحرك معهم فنَّه، كان بادية أو حاضرة. والغالب أن الحاضرة تكثر فيها العوائد والحظوظ والشهوات، فلا يدخلها المريد حتى يتقوى ويملك نفسه، يأخذ النصيب من كل شيء، ولا ينقص من نصيبه شيء، وقد تقدم هذا مرارًا. وبالله التوفيق.
٣٦٢
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٦١


الصفحة التالية
Icon